62 - (أذلك) المذكور لهم (خير نزلا) وهو ما يعد للنازل من ضيف وغيره (أم شجرة الزقوم) المعدة لأهل النار وهي من أخبث الشجر المر بتهامة ينبتها الله في الجحيم كما سيأتي
يقول تعالى ذكره : أهذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين الذين وصفت صفتهم من كرامتي في الجنة، ورزقهم فيها من النعيم خير، أو ما أعددت لأهل النار من الزقوم ، وعني بالنزل : الفضل ، وفيه لغتان نزل ونزل ، يقال للطعام الذي له ريع : هو طعام له نزل ونزل. وقوله "أم شجرة الزقوم" ذكر أن الله تعالى لما أنزل هذه الآية قال المشركون : كيف ينبت الشجر في النار، والنار تحرق الشجر؟.
قوله تعالى : " أذلك خير " مبتدأ وخبر ، وهو من قول الله جل وعز : " نزلا" على البيان ، والمعنى أنعيم الجنة خير نزلاً " أم شجرة الزقوم " خير نزلاً. والنزل في اللغة الرزق الذي له سعة - النحاس - وكذا النزل إلا أنه يجوز أن يكون النزل بإسكان الزاي لغة ، ويجوز أن يكون أصله النزل ، ومنه أقيم للقوم نزلهم ، واشتقاقه أنه الغذاء الذي يصلح أن ينزلوا معه ويقيموا فيه . وقد مضى هذا في آخر سورة < آل عمران > . وشجرة الزقوم مشتقة من التزقم وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها . قال المفسرون : وهي في الباب السادس ، وأنها تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء ، فلا بد لأهل النار من أن ينحدر إليها من كان فوقها فيأكلون منها ، وكذلك يصعد إليها من كان أسفل . واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب أم لا على قولين : أحدهما أنها معروفة من شجر الدنيا . ومن قال بهذا اختلفوا فيها ، فقال قطرب : إنها شجرة مرة تكون بتهامة من أخبث الشجر . وقال غيره : بل هو كل نبات قاتل . القول الثاني : إنها لا تعرف في شجر الدنيا . فلما نزلت هذه الآية في شجرة الزقوم قالت كفار قريش : ما نعرف هذه الشجرة . فقدم عليهم رجل من إفريقية فسألوه فقال : هو عندنا الزبد والتمر . فقال ابن الزبعري : أكثر الله في بيوتنا الزقوم . فقال أبو جهل لجاريته : زقمينا ، فأتته بزبد وتمر . ثم قال لأصحابه : تزقموا ، هذا الذي يخوفنا به محمد ، يزعم أن النار تنبت الشجر ، والنار تحرق الشجر !
يقول الله تعالى أهذا الذي ذكره من نعيم الجنة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذ خير ضيافة وعطاء "أم شجرة الزقوم" أي التي في جهنم وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرة واحدة معينة كما قال بعضهم إنها شجرة تمتد فروعها إلى جميع محال جهنم كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيها منها غصن, وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجر يقال له الزقوم كقوله تعالى: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين " يعني الزيتونة ويؤيد ذلك قوله تعالى: " ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم " وقوله عز وجل: "إنا جعلناها فتنة للظالمين" قال قتادة ذكرت شجرة الزقوم فافتتن بها أهل الضلالة وقالوا صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر فأنزل الله تعالى: "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم" غذيت من النار ومنها خلقت. وقال مجاهد "إنا جعلناها فتنة للظالمين" قال أبو جهل لعنه الله: إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه. قلت ومعنى الاية إنما أخبرناك يا محمد بشجرة الزقوم اختباراً نختبر به الناس من يصدق منهم ممن يكذب كقوله تبارك وتعالى: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً". وقوله تعالى: "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم" أي أصل منبتها في قرار النار "طلعها كأنه رؤوس الشياطين" تبشيع لها وتكريه لذكرها. قال وهب بن منبه شعور الشياطين قائمة إلى السماء, وإنما شبهها " رؤوس الشياطين " وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر, وقيل المراد بذلك ضرب من الحيات رؤوسها بشعة المنظر, وقيل جنس من النبات طلعه في غاية الفحاشة وفي هذين الاحتمالين نظر, وقد ذكرهما ابن جرير والأول أقوى وأولى, والله أعلم. وقوله تعالى: " فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ". ذكر تعالى أنهم يأكلون من هذه الشجرة التي لا أبشع منها ولا أقبح من منظرها مع ما هي عليه من سوء الطعم والريح والطبع فإنهم ليضطرون إلى الأكل منها لأنهم لا يجدون إلا إياها وما هو في معناها كما قال تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع * لا يسمن ولا يغني من جوع" وقال ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية وقال: "اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم فكيف بمن يكون طعامه ؟" ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث شعبة وقال الترمذي حسن صحيح. وقوله تعالى: "ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم" قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شرب الحميم على الزقوم, وقال في رواية عنه شوباً من حميم, مزجاً من حميم, وقال غيره يمزج لهم الحميم بصديد وغساق مما يسيل من فروجهم وعيونهم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي حدثنا بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو وأخبرني عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول "يقرب ـ يعني إلى أهل النار ـ ماء فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فيه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن رافع حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر وهارون بن عنترة عن سعيد بن جبير قال إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم فلو أن ماراً مر بهم يعرفهم لعرفهم بوجوههم فيها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد انتهى حره فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ويصهر ما في بطونهم فيمشون تسيل أمعاؤهم وتتساقط جلودهم ثم يضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعو بالثبور. وقوله عز وجل: "ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم" أي ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج وجحيم تتوقد وسعير تتوهج فتارة في هذا وتارة في هذا كما قال تعالى: "يطوفون بينها وبين حميم آن" هكذا تلا قتادة هذه الاية وهو تفسير حسن قوي, وقال السدي في قراءة عبد الله رضي الله عنه " ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم " وكان عبد الله رضي الله عنه يقول والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار, ثم قرأ "أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً" وروى الثوري عن ميسرة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء قال سفيان أراه ثم قرأ "أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم قلت على هذا التفسير تكون ثم عاطفة لخبر على خبر. وقوله تعالى: "إنهم ألفوا آباءهم ضالين" أي إنما جازيناهم بذلك لأنهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك من غير دليل ولا برهان, ولهذا قال: "فهم على آثارهم يهرعون" قال مجاهد شبيهة بالهرولة, وقال سعيد بن جبير يسفهون.
62- "أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم" الإشارة بقوله ذلك إلى ما ذكره من نعيم الجنة، وهو مبتدأ وخبره خير، ونزلا تمييز، والنزل في اللغة الرزق الذي يصلح أن ينزلوا معه ويقيموا فيه والخيرية بالنسبة إلى ما اختاره الكفار على غيره. قال الزجاج: المعنى أذلك خير في باب الإنزال التي يبقون بها نزلاً أم نزل أهل النار، وهو قوله: "أم شجرة الزقوم" وهو ما يكره تناوله. قال الواحدي: وهو شيء مر كريه يكره أهل النار على تناوله فهم يتزقمونه، وهي على هذا مشتقة من التزقم وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها. واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي يعرفها العرب أم لا على قولين: أحدهما أنها معروفة من شجر الدنيا فقال قطرب: إنها شجرة مرة تكون بتهامة من أخبث الشجر. وقال غيره: بل هو كل نبات قاتل. القول الثاني أنها غير معروفة في شجر الدنيا. قال قتادة: لما ذكر الله هذه الشجرة افتتن بها الظلمة فقالوا: كيف تكون في النار شجرة.
62. " أذلك "، أي: ذلك الذي ذكر لأهل الجنة، " خير نزلاً أم شجرة الزقوم "، التي هي نزل أهل النار، والزقوم: ثمرة شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم، يكره أهل النار على تناولها، فهم يتزقمونه على أشد كراهية، ومنه قولهم: تزقم الطعام إذا تناوله على كره ومشقة.
62-" أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم " شجرة ثمرها نزل أهل النار ، وانتصاب " نزلاً " على التمييز أو الحال وفي ذكره دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقال للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الأفهام ، وكذلك الزقوم لأهل النار ، وهو : اسم شجرة صغيرة الورق ذفر مرة تكون بتهامة سميت به الشجرة الموصوفة .
62. Is this better as a welcome, or the tree of Zaqqam?
62 - Is that the better entertainment of the Tree of Zaqqum?