63 - (قال الذين حق عليهم القول) بدخول النار وهم رؤساء الضلالة (ربنا هؤلاء الذين أغوينا) هم مبتدأ وصفة (أغويناهم) خبره فغووا (كما غوينا) لم نكرههم على الغي (تبرأنا إليك) منهم (ما كانوا إيانا يعبدون) ما نافية
" قال الذين حق عليهم القول " يقول: قال الذين وجب عليهم غضب الله ولعنته، وهم الشياطين الذين كانوا يغوون بني آدم: " ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا ".
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبوسفيان، عن معمر، عن قتادة، في قوله: " هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا " قال: هم الشياطين.
وقوله: " تبرأنا إليك " يقول: تبرأنا من ولايتهم ونصرتهم إليك " ما كانوا إيانا يعبدون ": يقول: لم يكونوا يعبدوننا.
قوله تعالى : " ربنا هؤلاء الذين أغوينا " أي دعوناهم إلى النغي . فقيل لهم : أغويتموهم ؟ قالوا : " أغويناهم كما غوينا " يعنون أأضللناهم كما كنا ضالين . " تبرأنا إليك " أي تبرأ بعضنا من بعض ، والشياطين يتبرؤون ممن أطاعهم ، ,الرؤساء يتبرؤون ممن قبل منهم ، كما قال تعالى : " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ الزخرف : 67] .
يقول تعالى مخبراً عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم فيقول: "أين شركائي الذين كنتم تزعمون" يعني أين الالهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا من الأصنام والأنداد, هل ينصرونكم أو ينتصرون ؟ وهذا على سبيل التقريع والتهديد, كما قال تعالى: "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون".
وقوله: "قال الذين حق عليهم القول" يعني الشياطين والمردة والدعاة إلى الكفر "ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون" فشهدوا عليهم أنه أغووهم فاتبعوهم ثم تبرءوا من عبادتهم, كما قال تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " وقال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقال الخليل عليه السلام لقومه "إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً" الاية, وقال الله تعالى: " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " ولهذا قال: "وقيل ادعوا شركاءكم" أي ليخلصوكم مما أنتم فيه كما كنتم ترجون منهم في الدار الدنيا "فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب" أي وتيقنوا أنهم صائرون إلى النار لا محالة.
وقوله: "لو أنهم كانوا يهتدون" أي فودوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا, وهذا كقوله تعالى: "ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقاً * ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً". وقوله: "ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين" النداء الأول عن سؤال التوحيد, وهذا فيه إثبات النبوات, ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم, وكيف كان حالكم معهم ؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: من ربك, ومن نبيك, وما دينك ؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله, وأما الكافر فيقول: هاه هاه لا أدري, ولهذا لاجواب له يوم القيامة غير السكوت, لأن من كان في هذه أعمى, فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلاً, ولهذا قال تعالى: "فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون" قال مجاهد : فعميت عليهم الحجج, فهم لا يتساءلون بالأنساب. وقوله "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً" أي في الدنيا "فعسى أن يكون من المفلحين" أي يوم القيامة وعسى من الله موجبة, فإن هذا واقع بفضل الله ومنته لا محالة.
63- "قال الذين حق عليهم القول" أي حقت عليهم كلمة العذاب وهم رؤساء الضلال الذين اتخذوا أرباباً من دون الله، كذا قال الكلبي. وقال قتادة: هم الشياطين "ربنا هؤلاء الذين أغوينا" أي دعوناهم إلى الغواية يعنون الأتباع "أغويناهم كما غوينا" أي أضللناهم كما ضللنا "تبرأنا إليك" منهم، والمعنى: أن رؤساء الضلال أو الشياطين تبرأوا ممن أطاعهم. قال الزجاج: برئ بعضهم من بعض، وصاروا أعداء. كما قال الله تعالى: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو" وهؤلاء مبتدأ والذين أغوينا صفته، والعائد محذوف: أي أغويناهم، والخبر أغويناهم، وكما أغوينا نعت مصدر محذوف. وقيل إن خبر هؤلاء هو الذي أغوينا، وأما أغويناهم كما غوينا فكلام مستأنف لتقرير ما قبله، ورجح هذا أبو علي الفارسي، واعترض الوجه الأول، ورد اعتراضه أبو البقاء "ما كانوا إيانا يعبدون" وإنما كانوا يعبدون أهواءهم، وقيل إن ما في ما كانوا مصدرية: أي تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا والأول أولى.
63- "قال الذين حق عليهم القول"، وجب عليهم العذاب وهم رؤوس الضلالة، "ربنا هؤلاء الذين أغوينا"، أي: دعوناهم إلى الغي، وهم الأتباع، "أغويناهم كما غوينا"، أضللناهم كما ضللنا، "تبرأنا إليك"، منهم، "ما كانوا إيانا يعبدون"، وبرئ بعضهم من بعض وصاروا أعداء، كما قال تعالى: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو" (الزخرف-67).
63 -" قال الذين حق عليهم القول " بثبوت مقتضاه وحصول مؤاده وهو قوله تعالى : " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " وغيره من آيات الوعيد . " ربنا هؤلاء الذين أغوينا " أي هؤلاء الذين أغويناهم فحذف الراجع إلى الموصول . " أغويناهم كما غوينا " أي أغويناهم فغووا غياً مثل ما غوينا ، وهو استئناف للدلالة على أنهم غووا باختيارهم وأنهم لم يفعلوا بهم ل وسوسة وتسويلاً ، ويجوز أن يكون " الذين " صفة و " أغويناهم " الخبر لأجل ما اتصل به فإفادة زيادة على الصفة وهو إن كان فضلة لكنه صار من اللوازم . " تبرأنا إليك " منهم ومما اختاره من الكفر هوى منهم ، وهو تقرير للجملة المتقدمة ولذلك خلت عن العاطف وكذا . " ما كانوا إيانا يعبدون " أي ما كانوا يعبدوننا ، وإنما كانوا يعبدون أهواءهم . وقيل " ما " مصدرية متصلة بـ " تبرأنا " أي تبرأنا من عبادتهم إيانا .
63. Those concerning whom the Word will have come true will say: Our Lord! These are they whom we led astray. We led them astray even as we ourselves were astray. We declare our innocence before Thee: us they never worshipped
63 - Those against whom the charge will be proved, will say: Our Lord! these are the ones whom we led astray: We led them astray, as we were astray ourselves: we free ourselves (from them) in thy presence: it was not us they worshipped.