64 - (له ما في السماوات وما في الأرض) على جهة الملك (وإن الله لهو الغني) عن عباده (الحميد) لأوليائه
يقول تعالى ذكره : له ملك ما في السماوات و ما في الأرض من شيء هم عبيده و مماليكه و خلقه ، لا شريك له في ذلك ، ولا في شيء منه ، وإن الله هو الغني عن كل ما في السماوات و ما في الأرض من خلقه و هم المحتاجون إليه ، الحميد عند عباده في إفضاله عليهم و أياديه عندهم .
قوله تعالى: " له ما في السموات وما في الأرض " خلقاً وملكاً، وكل محتاج إلى تدبيره وإتقانه. " وإن الله لهو الغني الحميد " فلا يحتاج إلى شيء، وهو المحمود في كل حال.
وهذا أيضاً من الدلالة على قدرته وعظيم سلطانه, فإنه يرسل الرياح فتثير سحاباً فيمطر على الأرض الجرز التي لا نبات فيها, وهي هامدة يابسة سوادء ممحلة, "فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت". وقوله: "فتصبح الأرض مخضرة" الفاء ههنا للتعقيب, وتعقيب كل شيء بحسبه, كما قال تعالى: "ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة" الاية, وقدثبت في الصحيحين أن بين كل شيئين أربعين يوماً, ومع هذا هو معقب بالفاء, وهكذا ههنا قال "فتصبح الأرض مخضرة" أي خضراء بعد يباسها ومحولها. وقد ذكر عن بعض أهل الحجاز أنها تصبح عقب المطر خضراء, فالله أعلم.
وقوله: "إن الله لطيف خبير" أي عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر, ولا يخفى عليه خافية, فيوصل إلى كل منه قسطه من الماء فينبته به, كما قال لقمان: "يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير" وقال: " أن لا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض " وقال تعالى: "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين" وقال: "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" ولهذا قال أمية بن أبي الصلت أو زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته:
وقولا له من ينبت الحب في الثرى ؟ فيصبح منه البقل يهتز رابياً
ويخرج منه حبه في رؤوسه ففي ذاك آيات لمن كان واعياً
وقوله: "له ما في السموات وما في الأرض" أي ملكه جميع الأشياء, وهو غني عما سواه وكل شيء فقير إليه عبد لديه, وقوله: "ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض" أي من حيوان وجماد وزروع وثمار, كما قال: "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه" أي من إحسانه وفضله وامتنانه "والفلك تجري في البحر بأمره" أي بتسخيره وتسييره, أي في البحر العجاج وتلاطم الأمواج تجري الفلك بأهلها بريح طيبة ورفق وتؤدة فيحملون فيها ما شاءوا من تجائر وبضائع ومنافع من بلد إلى بلد وقطر إلى قطر, ويأتون بما عند أولئك إلى هؤلاء, كما ذهبوا بما عند هؤلاء إلى أولئك مما يحتاجون إليه ويطلبونه ويريدونه "ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه" أي لو شاء لأذن للسماء فسقطت على الأرض فهلك من فيها, ولكن من لطفه ورحمته وقدرته يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه, ولهذا قال: "إن الله بالناس لرؤوف رحيم" أي مع ظلمهم, كما قال في الاية الأخرى: "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب".
وقوله: "وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور" كقوله: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون". وقوله: " قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ". وقوله: "قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" ومعنى الكلام: كيف تجعلون لله أنداداً وتعبدون معه غيره وهو المستقل بالخلق والرزق والتصرف "وهو الذي أحياكم" أي خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً يذكر, فأوجدكم "ثم يميتكم ثم يحييكم" أي يوم القيامة "إن الإنسان لكفور" أي جحود.
64- "له ما في السموات وما في الأرض" خلقاً وملكاً وتصرفاً وكلهم محتاجون إلى رزقه "وإن الله لهو الغني" فلا يحتاج إلى شيء "الحميد" المستوجب الحمد في كل حال.
64. " له ما في السموات وما في الأرض "، عبيداً وملكاً، " وإن الله لهو الغني "، عن عباده، " الحميد "، في أفعاله.
64ـ " له ما في السموات وما في الأرض " خلقاً وملكاً . " وإن الله لهو الغني " في ذاته عن كل شيء . " الحميد " المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله .
64. Unto Him belongeth all that is in the heavens and all that is in the earth. Lo! Allah, He verily is the Absolute, the Owner of Praise.
64 - To Him belongs all that is in the Heavens and on Earth: for verily God, He is free of all wants, worthy of all praise.