66 - (يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا) للتنبيه (ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا)
يقول تعالى ذكره: لا يجد هؤلاء الكافرون ولياً ولا نصيراً في يوم تقلب وجوههم في النار حالاً بعد حال " يقولون " وتلك حالهم في النار: " يا ليتنا أطعنا الله " في الدنيا وأطعنا رسوله، فيما جاءنا به عنه من أمره ونهيه، فكنا مع أهل الجنة في الجنة، يا لها حسرة وندامة، ما أعظمها وأجلها.
قوله تعالى: " يوم تقلب وجوههم في النار " قراءة العامة بضم التاء وفتح اللام، على الفعل المجهول. وقرأ عيسى الهمداني وابن إسحاق: نقلب بنون وكسر اللام وجوههم نصبًا. وقرأ عيسى أيضاً: تقلب بضم التاء وكسر اللام على معنى تقلب السعير وجوههم. وهذا التقليب تغيير ألوانهم بلفح النار، فتسود مرة وتخضر أخرى. وإذا بدلت جلودهم بجلود أخر فحينئذ يتمنون أنهم ما كفروا "يقولون يا ليتنا". ويجوز أن يكون المعنى: يقولون يوم تقلب وجوههم في النار يا ليتنا. "أطعنا الله وأطعنا الرسول " أي لم نكفر فننجو من هذا العذاب كما نجا المؤمنون. وهذه الألف تقع في الفواصل فيوقف عليها ولا يوصل بها. وكذا السبيلا وقد مضى في أول السورة. وقرأ الحسن: إنا أطعنا ساداتنالا بكسر التاء، جمع سادة. وكان في هذا زجر عن التقليد. والسادة جمع السيد، وهو فعلة، مثل كتبة وفجرة. وساداتنا جمع الجمع. والسادة والكبراء بمعنى. وقال قتادة: هم المطعمون في غزوة بدر. والأظهر العموم في القادة والرؤساء في الشرك والضلالة، أي أطعناهم في معصيتك وما دخونا إليه "فأضلونا السبيلا" أي عن السبيل وهو التوحيد، فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب. والإضلال لا يتعدى إلى مفعولين من غير توسط حرف الجر، كقوله:" لقد أضلني عن الذكر" (الفرقان: 29).
يقول تعالى مخبراً لرسوله صلوات الله وسلامه عليه أنه لا علم له بالساعة وإن سأله الناس عن ذلك, وأرشده أن يرد علمها إلى الله عز وجل كما قال الله تعالى في سورة الأعراف وهي مكية وهذه مدنية فاستمر الحال في رد علمها إلى الذي يقيمها لكن أخبره أنها قريبة بقوله: "وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً" كما قال تعالى: "اقتربت الساعة وانشق القمر" وقال: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون" وقال: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" ثم قال: "إن الله لعن الكافرين" أي أبعدهم من رحمته "وأعد لهم سعيراً" أي في الدار الاخرة "خالدين فيها أبداً" أي ماكثين مستمرين فلا خروج لهم منها ولا زوال لهم عنها "لا يجدون ولياً ولا نصيراً" أي وليس لهم مغيث ولا معين ينقذهم مما هم فيه ثم قال: " يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " أي يسحبون في النار على وجوههم وتلوى وجوههم على جهنم يقولون وهم كذلك يتمنون أن لو كانوا في الدار الدنيا ممن أطاع الله وأطاع الرسول كما أخبر الله عنهم في حال العرصات بقوله: " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا " وقال تعالى: "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين" وهكذا أخبر عنهم في حالتهم هذه أنهم يودون أن لو كانوا أطاعوا الله وأطاعوا الرسول في الدنيا "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" وقال طاوس , سادتنا يعني الأشراف وكبراءنا يعني العلماء, رواه ابن أبي حاتم أي اتبعنا السادة وهم الأمراء والكبراء من المشيخة وخالفنا الرسل واعتقدنا أن عندهم شيئاً وأنهم على شيء فإذا هم ليسوا على شيء "ربنا آتهم ضعفين من العذاب" أي بكفرهم وإغوائهم إيانا "والعنهم لعناً كبيراً" قرأ بعض القراء بالباء الموحدة, وقرأ آخرون بالثاء المثلثة وهما قريبا المعنى كما في حديث عبد الله بن عمرو أن أبا بكر قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً, ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" أخرجاه في الصحيحين , يروى كثيراً وكبيراً وكلاهما بمعنى صحيح واستحب بعضهم أن يجمع الداعي بين اللفظين في دعائه وفي ذلك نظر, بل الأولى أن يقول هذا تارة وهذا تارة كما أن القارىء مخير بين القراءتين أيهما قرأ فحسن وليس له الجمع بينهما, والله أعلم.
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , حدثنا ضرار بن صرد , حدثنا علي بن هاشم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه في تسمية من شهد مع علي رضي الله عنه الحجاج بن عمرو بن غزية وهو الذي كان يقول عند اللقاء يامعشر الأنصار أتريدون أن تقولوا لربنا إذا لقيناه "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا* ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً " .
ويوم في قوله: 66- "يوم تقلب وجوههم في النار" ظرف لقوله لا يجدون، وقيل لخالدين، وقيل لنصيراً، وقيل لفعل مقدر، وهو أذكر. قرأ الجمهور تقلب بضم التاء وفتح اللم على البناء للمفعول. وقرأ عيسى الهمداني وابن أبي إسحاق نقلب بالنون وكسر اللام على البناء للفاعلن وهو الله سبحانه. وقرأ عيسى أيضاً بضم التاء وكسر اللام على معنى تقلب السعير وجوههم. وقرأ أبو حيوة وأبو جعفر وشيبة بفتح التاء واللام على معنى تتقلب، ومعنى هذا التقلب المذكور في الآية: هو تقلبها تارة على جهة منها، وتارة على جهة أخرى ظهراً لبطن، أو تغير ألوانهم بلفح النار فتسود تارة وتحضر أخرى، أو تبديل جلودهم بجلود أخرى، فحينئذ "يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا" والجملة مستأنفة كأنه قيل فما حالهم؟ فقيل يقولون، ويجوز أن يكون المعنى يقولون يوم تقلب وجوههم في النار يا ليتنا إلخ. تمنوا أنهم أطاعوا الله والرسول وآمنوا بما جاء به لينجوا مما هم فيه من العذاب كما نجا المؤمنون. وهذه الألف في الرسولا، والألف التي ستأتي في السبيلا هي الألف التي تقع في الفواصل ويسميها النحاة ألف الإطلاع، وقد سبق بيان هذا في أول هذه السورة.
66- "يوم تقلب وجوههم في النار"، ظهراً لبطن حين يسحبون عليها، "يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا"، في الدنيا.
66 -" يوم تقلب وجوههم في النار " تصرف من جهة إلى جهة كاللحم يشوى بالنار ، أو من حال إلى حال ، وقرئ " تقلب " بمعنى تتقلب و " تقلب " ومتعلق الظرف . " يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " فلن نبتلي بهذا العذاب .
66. On the day when their faces are turned over in the fire, they say: Oh, would that we had obeyed Allah and had obeyed His messenger!
66 - The Day that their faces will be turned upside down in the Fire, they will say: woe to us would that we had obeyed God and obeyed God And obeyed the Apostle