7 - (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء (إليهم) لا ملائكة (فاسألوا أهل الذكر) العلماء بالتوراة والإنجيل (إن كنتم لا تعلمون) ذلك فإنهم يعلمونه وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد
يقول تعالى ذكره لنبيه : وما أرسلنا يا محمد رسولا إلى أمة من الأمم التي خلت من قبل أمتك إلا رجالا مثلهم نوحي إليهم ما نريد أن نوحيه إليهم من أمرنا ونهينا ، لا ملائكة ، فماذا أنكروا من إرسالنا لك إليهم ، وأنت رجل كسائر الرسل الذين قبلك إلى أممهم . وقوله : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " يقول للقائلين لمحمد صلى الله عليه وسلم في تناجيهم بينهم : هل هذا إلا بشر مثلكم : فإن أنكرتم وجهلتم أمر الرسل الذين كانوا من قبل محمد ، فلم تعلموا أيها القوم أمرهم إنسا كانوا أم ملائكة ، فاسألوا أهل الكتب من التوراة والإنجيل ما كانوا يخبروكم عنهم .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " يقول : فاسألوا أهل التوراة والإنجيل - قال أبو جعفر : أراه أنا قال : - يخبروكم أن الرسل كانوا رجالا يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق .
وقيل : أهل الذكر : أهل القرآن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : ثني عبد الرحمن بن صالح ، قال : ثني موسى بن عثمان ، عن جابر الجعفي ، قال : لما نزلت " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال علي : نحن أهل الذكر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال : أهل القرآن ، والذكر : القرآن ، وقرأ " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " .
قوله تعالى: " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم " هذا رد عليهم في قولهم: " هل هذا إلا بشر مثلكم " وتأنيس لنبيه صلى الله عليه وسلم، أي لم يرسل قبلك إلا رجالاً. " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " يريد أهل التوراة والإنجيل الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، قاله سفيان. وسماهم أهل الذكر، لأنهم كانوا يذكرون خبر الأنبياء مما لم تعرفه العرب. وكان كفار قريش يراجعون أهل الكتاب في أمر محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن زيد: أراد بالذكر القرآن، أي فاسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن، قال جابر الجعفي: لما نزلت هذه الآية قال علي رضي الله عنه نحن أهل الذكر. وقد ثبت بالتواتر أن الرسل كانوا من البشر، فالمعنى لا تبدؤوا بالإنكار وبقولكم ينبغي أن يكون الرسول من الملائكة، بل ناظروا المؤمنين ليبينوا لكم جواز أن يكون الرسول من البشر. والملك لا يسمى رجلاً، لأن الرجل يقع على ما له ضد من لفظه، تقول: رجل وامرأة، ورجل وصبي، فقوله: " إلا رجالا " من بني آدم. وقرأ حفص وحمزة و الكسائي " نوحي إليهم ".
مسألة: لم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المراد بقول الله عز وجل: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " [النحل: 43] وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد له من تقليد عالمه، وكذلك لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا، لجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحليل والتحريم.
يقول تعالى راداً على من أنكر بعثة الرسل من البشر: "وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم" أي جميع الرسل الذين تقدموا كانوا رجالاً من البشر لم يكن فيهم أحد من الملائكة, كما قال في الاية الأخرى " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر " وقال تعالى: "قل ما كنت بدعاً من الرسل" وقال تعالى حكاية عمن تقدم من الأمم, لأنهم أنكروا ذلك فقالوا "أبشر يهدوننا" ولهذا قال تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أي اسألواأهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف: هل كان الرسل الذين أتوهم بشراً أو ملائكة ؟ وإنما كانوا بشراً, وذلك من تمام نعمة الله على خلقه إذ بعث فيهم رسلاً منهم يتمكنون من تناول البلاغ منهم والأخذ عنهم.
وقوله: "وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام" أي بل قد كانوا أجساداً يأكلون الطعام كما قال تعالى: "وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق" أي قد كانوا بشراً من البشر يأكلون ويشربون مثل الناس, ويدخلون الأسواق للتكسب والتجارة, وليس ذلك بضار لهم ولا ناقص منهم شيئاً, كما توهمه المشركون في قولهم " مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها " الاية.
وقوله: "وما كانوا خالدين" أي في الدنيا, بل كانوا يعيشون ثم يموتون "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد" وخاصتهم أنهم يوحى إليهم من الله عز وجل, تنزل عليهم الملائكة عن الله بما يحكمه في خلقه مما يأمر به وينهى عنه, وقوله: "ثم صدقناهم الوعد" أي الذي وعدهم ربهم ليهلكن الظالمين صدقهم الله وعده وفعل ذلك, ولهذا قال "فأنجيناهم ومن نشاء" أي أتباعهم من المؤمنين "وأهلكنا المسرفين" أي المكذبين بما جاءت به الرسل.
ثم أجاب سبحانه عن قولهم: هل هذا إلا بشر مثلك بقوله: 7- " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم " أي لم نرسل قبلك إلى الأمم السابقة إلا رجالاً من البشر، ولم نرسل إليهم ملائكة كما قال سبحانه "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً" وجملة يوحي إليهم مستأنفة لبيان كيفية الإرسال، ويجوز أن تكون صفة لرجالاً: أي متصفين بصفة الإيحاء إليهم. قرأ حفص وحمزة والكسائي "نوحي" بالنون، وقرأ الباقون بالياء التحتية. ثم أمرهم الله بأن يسألوا أهل الذكر إن كانوا يجهلون هذا فقال: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وأهل الذكر هم أهل الكتابين: اليهود والنصارى، ومعنى إن كنتم لا تعلمون: إن كنتم لا تعلمون أن رسل الله من البشر، كذا قال أكثر المفسرين. وقد كان اليهود والنصارى لا يجهلون ذلك ولا ينكرونه، وتقدير الكلام: إن كنتم لا تعلمون ما ذكر فاسألوا أهل الذكر. وقد استدل بالآية على أن التقليد جائز وهو خطأ، ولو سلم لكان المعنى سؤالهم عن النصوص من الكتاب والسنة، لا عن الرأي البحت، وليس التقليد إلا قبول قول الغير دون حجته. وقد أوضحنا هذا في رسالة بسيطة: سميناها القول المفيد في حكم التقليد.
7. قوله عز وجل: " وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم "، هذا جواب لقولهم: " هل هذا إلا بشر مثلكم " يعني: إنا لم نرسل الملائكة إلى الأولين إنما أرسلنا رجالاً نوحي إليهم، " فاسألوا أهل الذكر "، يعني: أهل التوراة والإنجيل، يريد علماء أهل الكتاب، فإنهم لا ينكرون أن الرسل كانوا بشراً، وإن أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر المشركين بمسألتهم لأنهم إلى تصديق من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم أقرب منهم إلى تصديق من آمن به. وقال ابن زيد : أراد بالذكر القرآن أراد: فسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن، " إن كنتم لا تعلمون ".
7ـ " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " جواب لقولهم " هل هذا إلا بشر مثلكم " فأمرهم أن يسألوا أهل الكتاب عن حال الرسل المتقدمة ليزول عنهم الشبهة والإحالة عليهم إما للإلزام فإن المشركين كانوا يشاورونهم في أمر النبي عليه الصلاة والسلام ويثقون بقولهم ، أو لأن إخبار الجم الغفير يوجب العلم وإن كانوا كفاراً . وقرأ حفص (( نوحي )) بالنون .
7. And We sent not (as Our messengers) before thee other than men whom We inspired. Ask the followers of the Reminder if ye know not?
7 - Before thee, also, the apostles we sent were but men, to whom we granted inspiration: if ye realize this not, ask of those who possess the message.