7 - (وما) كان (يأتيهم) أتاهم (من نبي إلا كانوا به يستهزئون) كاستهزاء قومك بك وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم
" وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون " يقول : وما كان يأتي قرناً من أولئك القرون وأمة من أولئك الأمم الأولين لنا من نبي يدعوهم إلى الهدى وطريق الحق ، إلا كان الذين يأتيهم ذلك من تلك الأمم نبيهم الذي أرسله إليهم يستهزئون سخرية منهم بهم كاستهزاء قومك بك يا محمد . يقول : فلا يعظمن عليك ما يفعل بك قومك ، ولا يشقن عليك ، فإنهم إنما سلكوا في استهزائهم بك مسلك أسلافهم ، ومنهاج أئمتهم الماضين من أهل الكفر بالله .
" وما يأتيهم من نبي " أي لم يكن يأتيهم ني " إلا كانوا به يستهزئون " كاستهزاء قومك بك ، يعزي نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ويسليه .
يقول تعالى: " حم * والكتاب المبين " أي البين الواضح الجلي المعاني والألفاظ, لأنه نزل بلغة العرب التي هي أفصح اللغات للتخاطب بين الناس, ولهذا قال تعالى: "إنا جعلناه" أي نزلناه "قرآناً عربياً" أي بلغة العرب فصيحاً واضحاً "لعلكم تتقون" أي تفهمونه وتتدبرونه, كما قال عز وجل: "بلسان عربي مبين". وقوله تعالى: "وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم" بين شرفه في الملأ الأعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض, فقال تعالى: "وإنه" أي القرآن "في أم الكتاب" أي اللوح المحفوظ, قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد "لدينا" أي عندنا, قاله قتادة وغيره "لعلي" أي ذو مكانة وشرف وفضل قاله قتادة "حكيم" أي محكم بريء من اللبس والزيغ. وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله, كما قال تبارك وتعالى: "إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين" وقال تعالى: "كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة" ولهذا استنبط العلماء رضي الله عنهم من هاتين الايتين أن المحدث لايمس المصحف كما ورد به الحديث إن صح, لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القرآن في الملأ الأعلى, فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى, لأنه نزل عليهم, وخطابه متوجه إليهم, فهم أحق أن يقابلوه بالإكرام والتعظيم, والانقياد له بالقبول والتسليم, لقوله تعالى: "وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم".
وقوله عز وجل: " أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين " اختلف المفسرون في معناها فقيل معناها أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به, قاله ابن عباس رضي الله عنهما وأبو الصالح ومجاهد والسدي واختاره ابن جرير, وقال قتادة في قوله تعالى: "أفنضرب عنكم الذكر صفحاً ؟" والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذه الأمة لهلكوا, ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاه إليهم عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك, وقول قتادة لطيف المعنى جداً, وحاصله أنه يقول في معناه إنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وهو القرآن, وإن كانوا مسرفين معرضين عنه بل أمر به ليهتدي به من قدر هدايته, وتقوم الحجة على من كتب شقاوته.
ثم قال جل وعلا مسلياً لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه وآمراً له بالصبر عليهم: "وكم أرسلنا من نبي في الأولين" أي في شيع الأولين "وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون" أي يكذبونه ويسخرون به. وقوله تبارك وتعالى: "فأهلكنا أشد منهم بطشاً" أي فأهلكنا المكذبين بالرسل, وقد كانوا أشد بطشاً من هؤلاء المكذبين لك يا محمد, كقوله عز وجل: "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة" والايات في ذلك كثيرة جداً. وقوله جل جلاله: "ومضى مثل الأولين" قال مجاهد: سنتهم. وقال قتادة: عقوبتهم. وقال غيرهما: عبرتهم, أي جعلناهم عبرة لمن بعدهم من المكذبين أن يصيبهم ما أصابهم, كقوله تعالى في آخر هذه السورة: " فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين " وكقوله جلت عظمته: "سنة الله التي قد خلت في عباده" وقال عز وجل: "ولن تجد لسنة الله تبديلاً".
7- " وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون " كاستهزاء قومك بك.
7. " وما يأتيهم "، أي وما كان يأتيهم، " من نبي إلا كانوا به يستهزئون "، كاستهزاء قومك بك، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم.
7-" وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون " تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه .
7. And never came there unto them a Prophet but they used to mock him.
7 - And never came there a prophet to them but they mocked him.