7 - (وإذا تتلى عليهم) أي أهل مكة (آياتنا) القرآن (بينات) ظاهرات حال (قال الذين كفروا) منهم (للحق) أي القرآن (لما جاءهم هذا سحر مبين) بين ظاهر
وقوله " و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات " يقول تعالى ذكره : و إذا يقرأ على هؤلاء المشركين بالله من قومك آياتنا يعني حججنا التي احتججناها عليهم ، فيما أنزلناه من كتابنا على محمد صلى الله عليه و سلم " بينات " يعني واضحات نيرات " قال الذين كفروا للحق لما جاءهم " يقول تعالى ذكره : قال الذين جدوا وحدانيتة الله ، و كذبوا رسوله للحق لما جاءهم من عند الله ، فأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم " هذا سحر مبين " يعنون هذا القرآن خداع يخدعنا و يأخذ بقلوب من سمعه فعل السحر " مبين " يقول : يبين لمن تأمله ممن سمعه أنه سحر مبين .
قوله تعالى : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " يعني القرآن . " قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين " .
يقول عز وجل مخبراً عن المشركين في كفرهم وعنادهم: أنهم إذا تتلى عليهم آيات الله بينات أي في حال بيانها ووضوحها وجلائها يقولون "هذا سحر مبين" أي سحر واضح وقد كذبوا وافتروا وضلوا وكفروا "أم يقولون افتراه" يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: "قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً" أي لو كذبت عليه وزعمت أنه أرسلني وليس كذلك لعاقبني أشد العقوبة, ولم يقدر أحد من أهل الأرض لا أنتم ولا غيركم, أن يجيرني منه, كقوله تبارك وتعالى: "قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً* إلا بلاغاً من الله ورسالاته" وقال تعالى: "ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين" ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا: "قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم" هذا تهديد ووعيد أكيد وترهيب شديد.
وقوله عز وجل وعلا: "وهو الغفور الرحيم" ترغيب لهم إلى التوبة والإنابة أي ومع هذا كله إن رجعتم وتبتم تاب عليكم وعفا عنكم وغفر ورحم, وهذه الاية كقوله عز وجل في سورة الفرقان: "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً" وقوله تبارك وتعالى: "قل ما كنت بدعاً من الرسل" أي لست بأول رسول طرق العالم بل جاءت الرسل من قبلي فما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثتي إليكم فإنه قد أرسل الله جل وعلا قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم, قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة "قل ما كنت بدعاً من الرسل" ما أنا بأول رسول, ولم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم غير ذلك.
وقوله تعالى: "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاية: نزل بعدها "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" وهكذا قال عكرمة والحسن وقتادة: إنها منسوخة بقوله تعالى: "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" قالوا: ولما نزلت هذه الاية قال رجل من المسلمين: هذا قد بين الله تعالى, ماهو فاعل بك يا رسول الله, فما هو فاعل بنا ؟ فأنزل الله تعالى: "ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار" هكذا قال, والذي هو ثابت في الصحيح أن المؤمنين قالوا: هنيئاً لك يارسول الله فما لنا ؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الاية, وقال الضحاك "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم" أي ما أدري بماذا أومر وبماذا أنهى بعد هذا ؟ وقال أبو بكر الهذلي عن الحسن البصري في قوله تعالى: "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم" قال: أما في الاخرة فمعاذ الله وقد علم أنه في الجنة, ولكن قال: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا, أخرج كما أخرجت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قبلي ؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ؟ ولا أدري أيخسف بكم أو ترمون بالحجارة ؟ وهذا القول هو الذي عول عليه ابن جرير وأنه لا يجوز غيره ولا شك أن هذا هو اللائق به صلى الله عليه وسلم, فإنه بالنسبة إلى الاخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه, وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يؤول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا, أيؤمنون أم يكفرون فيعذبون فيستأصلون بكفرهم.
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد, حدثنا يعقوب, حدثنا أبي عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء, وهي امرأة من نسائهم أخبرته وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين عثمان بن مظعون رضي الله عنه فاشتكى عثمان رضي الله عنه عندنا فمرضناه, حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله تعالى أكرمه" فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير, والله ما أدري وأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفعل بي".
قالت: والله لا أزكي أحداً بعده أبداً وأحزنني ذلك فنمت فرأيت لعثمان رضي الله عنه عيناً تجري, فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك عمله" فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم, وفي لفظ له "ما أدري وأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفعل به" وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ بدليل قولها فأحزنني ذلك, وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي نص الشارع على تعيينهم كالعشرة وابن سلام والغميصاء وبلال وسراقة, وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر, والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة, وزيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة وما أشبه هؤلاء رضي الله عنهم, وقوله " إن أتبع إلا ما يوحى إلي " أي إنما أتبع ما ينزله الله علي من الوحي "وما أنا إلا نذير مبين" أي بين النذارة أمري ظاهر لكل ذي لب وعقل, والله أعلم.
6- "وإذا تتلى عليهم آياتنا" أي آيات القرآن حال كونها "بينات" واضحات المعاني ظاهرات الدلالات "قال الذين كفروا للحق" أي لأجله وفي شأنه، وهو عبارة عن الآيات "لما جاءهم" أي وقت أن جاءهم "هذا سحر مبين" أي ظاهر السحرية.
7. " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين "، يسمون القرآن سحراً.
7-" وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " واضحات أو مبينات . " قال الذين كفروا للحق " لأجله وفي شأنه . والمراد به الآيات ووضعه موضع ضميرها ووضع " الذين كفروا " موضع ضمير المتلو عليهم للتسجيل عليها بالحق وعليهم بالكفر والانهماك في الضلالة . " لما جاءهم " حينما جاءهم من غير نظر وتأمل . " هذا سحر مبين " ظاهر بطلانه .
7. And when Our clear revelations are recited unto them, who disbelieve say of the Truth when it reacheth them: This is mere magic.
7 - When Our Clear Signs are rehearsed to them, the Unbelievers say, of the Truth when it comes to them: This is evident sorcery!