7 - (سخرها) أرسلها بالقهر (عليهم سبع ليال وثمانية أيام) أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال وكانت في عجز الشتاء (حسوما) متتابعات شبهت بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء كرة بعد أخرى حتى ينحسم (فترى القوم فيها صرعى) مطروحين هالكين (كأنهم أعجاز) أصول (نخل خاوية) ساقطة فارغة
وقوله " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " يقول تعالى ذكره سخر تلك الرياح على عاد سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، فقال بعضهم : عني بذلك تباعاً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " وثمانية أيام حسوما " يقول : تباعاً .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " حسوما " قال : متتابعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن أبي معمر ، عن ابن مسعود " وثمانية أيام حسوما " قال : متتابعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله بن مسعود مثل حديث محمد بن عمرو .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله " حسوما " قال : تباعاً .
قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : ثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة في قوله : " حسوما " قال : تباعاً .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، أنه قال في هذه الآية " وثمانية أيام حسوما " قال : متتابعة .
حدثنا نصر بن علي ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا خالد بن قيس ، عن قتادة " وثمانية أيام حسوما " قال : متتابعة ليس لها فترة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله " وثمانية أيام حسوما " قال : متتابعة ليس فيها تفتير .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " حسوما " قال : دائمات .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود " أيام حسوما " قال : متتابعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال مجاهد : " أيام حسوما " قال : تباعاً .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " أيام حسوما " قال : متتابعة ، " في أيام نحسات " [ فصلت : 16 ] ، قال : مشائيم .
وقال آخرون : عني بقوله : " حسوما " الريح ، وأنها تحسم كل شيء من عاد أحداً ، وجعل هذا الحسوم من صفة الريح .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " وثمانية أيام حسوما " قال : حسمتهم لم تبق منهم أحداً ، قال : ذلك الحسوم مثل الذي يقول : احسم هذا الأمر ، قال : وكان فيهم ثمانية لهم خلق يذهب بهم في كل مذهب ، قال قال موسى بن عقبة : فلما جاءهم العذاب قالوا : قوموا بنا نرد هذا العذاب عن قومنا ، قال : فقاموا وصفوا في الوادي ، فأوحى الله إلى ملك الريح أن يقلع منهم كل يوم واحداً ، وقرأ قول الله " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " حتى بلغ " نخل خاوية " قال : فإن كانت الريح لتمر بالظعينة فتستدبرها وحمولتها ، ثم تذهب بهم في السماء ، ثم تكبهم على الرؤوس ، وقرأ قول الله " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا " [ الأحقاف : 24 ] ، قال : وكان أمسك عنهم المطر ، فقرأ حتى بلغ " تدمر كل شيء بأمر ربها " [ الأحقاف : 25 ] ، قال : وما كانت الريح تقلع من أولئك الثمانية كل يوم إلا واحداً ، قال : فلما عذب الله قوم عاد ، أبقى الله واحداً ينذر الناس ، قال : فكانت امرأة قد رأت قومها ، فقالوا لها : أنت أيضاً ، قالت : تنحيت على الجبل ، قال : وقد قيل لها بعد : أنت قد سلمت وقد رأيت ، فكيف لا رأيت عذاب الله ؟ قالت : ما أدري غير أن أسلم ليلة ليلة لا ريح .
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني بقوله " حسوما " متتابعة ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، وكان بعض أهل العربية يقول : الحسوم : التباع ، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوله عن آخره قيل فيه حسوم ، قال : وإنما أخذ والله أعلم من حسم الداء : إذا كوى صاحبه ، لأنه لحم يكوى بالمكواة ، ثم يتابع عليه .
وقوله " فترى القوم فيها صرعى " يقول : فترى يا محمد قوم عاد في تلك السبع الليالي والثمانية الأيام الحسوم صرعى قد هلكوا " كأنهم أعجاز نخل خاوية " يقول : كأنهم أصول نخل قد خوت .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " كأنهم أعجاز نخل خاوية " وهي أصول النخل .
"سخرها عليهم" أي أرسلها وسطها عليهم. والتسخير: استعمال الشيء بالاقتدار. "سبع ليال وثمانية أيام حسوما" أي متتابعة لا تفتر ولا نقطع، عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما. قال الفراء: الحسوم التباع، من حسم الداء إذا كوي صاحبه، لأنه يكوي بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه. قال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
ففـرق بيـن بينهـم زمـان تتابـع فيـه أعـوام حسـوم
وقال المبرد: هو من قولك حسمت الشيء إذا قطعته عن غيره. وقيل: الحسم الاستئصال. ويقال للسيف حسام، لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته. وقال الشاعر:
حسـام إذا قمـت معتضداً به كفى العود منه البدء ليس بمعضد
والمعنى أنها حسمتهم، أي قطعتهم وأذهبتهم. فهي القاطعة بعذاب الاستئصال. قال أبو زيد: حسمتهم فلم تبق منهم أحداً. وعنه أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوعبها، لأنها بدأت طلوع الشمس من أول يوم وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم. وقال الليث: الحسوم الشؤوم. ويقال: هذه ليالي الحسوم، أي تحسم الخير عن أهلها، وقاله في الصحاح. وقال عكرمة والربيع بن أنس: مشائيم، دليله قوله تعالى: "في أيام نحسات" فصلت:16 عطية العوفي: حسوماً أي حسمت الخير عن أهلها. واختلف في أولها، فقيل: غداة يوم الأربعاء، قاله السدي. وقيل: غداة يوم الجمعة، قاله الربيع بن أنس. وقيل: غداة يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام وهب بن منبه. قال وهب: وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز، ذات برد وريح شديدة، وكان أولها يوم الأربعاء، وآخرها يوم الأربعاء، ونسبت إلى العجوز لأن عجوزاً من عاد دخلت سرباً فتتبعها الريح فقتلتها في اليوم الثامن. وقيل: سميت أيام العجوز لأنها وقعت في عجز الشتاء. وهي في آذار من أشهر السريانيين. ولها أسام مشهورة، وفيها يقول الشاعر وهو ابن أحمر:
كسـع الشتـاء بسبعـة غبـر أيـام شهلتنـا مـن الشهـر
فـإذا انقضـت أيامها ومضت صـن وصنبـر مـع الـوبـر
وبـآمـر وأخيـه مـؤتمـر ومعلـل وبمطفــئ الجـمـر
ذهـب الشـتاء موليـاً عجلاً وأتتـك واقـدة مـن النجـر
وحسوماً نصب على الحال. وقيل على المصدر. قال الزجاج: أي تحسمهم حسوماً، أي تنفيهم، وهو مصدر مؤكد. ويجوز أن يكون مفعولاً له، أي سخرها عليهم هذه المدة للاستئصال، أي لقطعهم واستئصالهم. ويجوز أن يكون جمع حاسم. وقرأ السدي حسوماً بالفتح، حالاً من الريح، أي سخرها عليهم مستأصلة.
قوله تعالى: "ترى القوم فيها" أي في تلك الليالي والأيام. "صرعى" جمع صريع، يعنى موتى. وقيل: فيها أي في الريح. "كأنهم أعجاز" أي أصول. "نخل خاوية" أي بالية، قاله أبو الطفيل. وقيل: خالية الأجواف لا شئ فيها. والنخل يذكر ويؤنث. وقد قال تعالى في موضع آخر: "كأنهم أعجاز نخل منقعر" القمر:20 فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عظم أجسامهم. ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع، أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية. أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف. وقال ابن شجرة: كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام، إنما قال خاوية لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية. ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع، كما قال تعالى:"فتلك بيوتهم خاوية" النمل:52 أي خربة لا سكان فيها. ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا، لأنها إذا بليت خلت أجوافها. فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية.
الحاقة من أسماء يوم القيامة لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد ولهذا عظم الله أمرها فقال: "وما أدراك ما الحاقة" ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها فقال تعالى: "فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية" وهي الصيحة التي أسكتتهم والزلزلة التي أسكنتهم, هكذا قال قتادة الطاغية الصيحة, وهو اختيار ابن جرير , وقال مجاهد : الطاغية الذنوب, وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد إنها الطغيان وقرأ ابن زيد "كذبت ثمود بطغواها" وقال السدي فأهلكوا بالطاغية قال يعني عاقر الناقة "وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر" أي باردة قال قتادة والسدي والربيع بن أنس والثوري "عاتية" أي شديدة الهبوب, قال قتادة . عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم. وقال الضحاك : "صرصر" باردة "عاتية" عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة, وقال علي وغيره: عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب.
"سخرها عليهم" أي سلطها عليهم "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" أي كوامل متتابعات مشائيم, قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغيرهم: حسوماً متتابعات, وعن عكرمة والربيع بن خثيم مشائيم عليهم كقوله تعالى: "في أيام نحسات" قال الربيع : وكان أولها الجمعة وقال غيره الأربعاء, ويقال إنها التي تسميها الناس الأعجاز, وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى: "فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية" وقيل لأنها تكون في عجز الشتاء, ويقال أيام العجوز لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فقتلها الريح في اليوم الثامن, حكاه البغوي والله أعلم.
قال ابن عباس : "خاوية" خربة, وقال غيره: بالية أي جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتاً على أم رأسه, فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان. وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي حدثنا ابن فضيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم, فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض, فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا هذا عارض ممطرنا, فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة" وقال الثوري عن ليث عن مجاهد : الريح لها جناحان وذنب "فهل ترى لهم من باقية" أي هل تحس منهم من أحد من بقاياهم أو ممن ينتسب إليهم بل بادوا عن آخرهم ولم يجعل الله لهم خلفاً.
ثم قال تعالى: "وجاء فرعون ومن قبله" قرىء بكسر القاف أي ومن عنده ممن في زمانه من أتباعه من كفار القبط, وقرأ آخرون بفتحها أي ومن قبله من الأمم المشبهين له. وقوله تعالى: "والمؤتفكات" وهم الأمم المكذبون بالرسل "بالخاطئة" وهي التكذيب بما أنزل الله قال الربيع "بالخاطئة" أي بالمعصية, وقال مجاهد : بالخطايا, ولهذا قال تعالى: "فعصوا رسول ربهم" وهذا جنس أي كل كذب رسول الله إليهم كما قال تعالى "كل كذب الرسل فحق وعيد" ومن كذب برسول فقد كذب بالجميع كما قال تعالى: "كذبت قوم نوح المرسلين" "كذبت عاد المرسلين" "كذبت ثمود المرسلين" وإنما جاء إلى كل أمة رسول واحد ولهذا قال ههنا: "فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية" أي عظيمة شديدة أليمة, قال مجاهد : رابية شديدة, وقال السدي : مهلكة.
ثم قال تعالى: " إنا لما طغى الماء " أي زاد على الحد بإذن الله وارتفع على الوجود, وقال ابن عباس وغيره: طغى الماء كثر, وذلك بسبب دعوة نوح عليه السلام على قومه حين كذبوه وخالفوه, فعبدوا غير الله فاستجاب الله له وعم أهل الأرض بالطوفان إلا من كان مع نوح في السفينة فالناس كلهم من سلالة نوح وذريته. وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد , حدثنا مهران عن أبي سنان سعيد بن سنان عن غير واحد عن علي بن أبي طالب قال: لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك, فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان فطغى الماء على الخزان, فخرج فذلك قوله تعالى: "إنا لما طغى الماء" أي زاد على الحد بإذن الله "حملناكم في الجارية" ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت, فذلك قوله تعالى: "بريح صرصر عاتية" أي عتت على الخزان, ولهذا قال تعالى ممتناً على الناس: "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية" وهي السفينة الجارية على وجه الماء "لنجعلها لكم تذكرة" عاد الضمير على الجنس لدلالة المعنى عليه أي وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار كما قال: "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه".
وقال تعالى: " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " وقال قتادة : أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة, والأول أظهر ولهذا قال تعالى: "وتعيها أذن واعية" أي وتفهم هذه النعمة وتذكرها أذن واعية, قال ابن عباس : حافظة سامعة. وقال قتادة : "أذن واعية" عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله, وقال الضحاك "وتعيها أذن واعية" سمعتها أذن ووعت أي من له سمع صحيح وعقل رجيح, وهذا عام في كل من فهم ووعى. وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة الدمشقي , حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي , حدثنا زيد بن يحيى , حدثنا علي بن حوشب : سمعت مكحولاً يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم "وتعيها أذن واعية" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي أن يجعلها أذن علي" قال مكحول : فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فنسيته, وهكذا رواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به وهو حديث مرسل.
وقد قال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثنا جعفر بن محمد بن عامر , حدثنا بشر بن آدم , حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري , حدثني صالح بن الهيثم : سمعت بريدة الأسلمي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي "إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي" قال: فنزلت هذه الاية "وتعيها أذن واعية" ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به. ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن أبي داود الأعمى عن بريدة به ولا يصح أيضاً.
7- "سخرها عليهم سبع ليال" هذه الجملة مستأنفة لبيان كيفية إهلاكهم، ومعنى سخرها سلطها، كذا قال مقاتل، وقيل أرسلها. وقال الزجاج: أقامها عليهم كما شاء، والتسخير: استعمال الشيء بالاقتدار، ويجوز أن تكون هذه الجملة صفة لريح، وأن تكون حالاً منها لتخصيصها بالصفة، أو من الضمير في عاتية "وثمانية أيام" معطوف على سبع ليال، وانتصاب "حسوماً" على الحال: أي ذات حسوم، أو على المصدر بفعل مقدر: أي تحسمهم حسوماً، أو على أنه مفعول به، والحسوم التتابع، فإذا تتابع الشيء ولم ينقطع أوله عن آخره قيل له الحسوم. قال الزجاج: الذي توجبه اللغة في معنى قوله حسوماً: أي تحسمهم حسوماً تفنيهم وتذهبهم. قال النضر بن شميل: حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم. قال الفراء: الحسوم الاتباع، من حسم الداء وهو الكبي، لأن صاحبه يكوى بالمكواة، ثم يتابع ذلك عليه ومنه قول أبي دؤاد:
يفرق بينهم زمن طويل تتابع فيه أعواماً حسوماً
وقال المبرد: هو من قولك حسمت الشيء: إذا قطعته وفصلته عن غيره، وقيل الحسم الاستئصال، ويقال للسيف حسام لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته، والمعنى: أنها حسمتهم: أي قطعتهم وأذهبتهم، ومنه قول الشاعر:
فأرسلت ريحاً دبوراً عقيماً فدارت عليهم فكانت حسوماً
قال ابن زيد: أي حسمتهم فلم تبق منهم أحداً. وروي عنه أنه قال: حسمت الأيام والليالي حتى استوفتها، لأنها بدأت بطلوع الشمس من أول يوم وانقطعت بغروب الشمس من آخر يوم. وقال الليث: الحسوم هي الشؤم: أي تحسم الخير عن أهلها، كقوله "في أيام نحسات".
واختلف في أولها، فقيل غداة الأحد، وقيل غداة الجمعة، وقيل غداة الأربعاء. قال وهب: وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز، كان فيها برد شديد وريح شديدة، وكان أولها يومالأربعاء، وآخرها يوم الأربعاء "فترى القوم فيها صرعى" الخطاب لكل من يصلح له على تقدير أنه لو كان حاضراً حينئذ لرأى ذلك، والضمير في فيها يعود إلى الليالي والأيام، وقيل إلى مهاب الريح، والأول أولى. وصرعى جمع صريع: يعني موتى "كأنهم أعجاز نخل خاوية" أي أصول نخل ساقطة، أو بالية، وقيل خالية لا جوف فيها، والنخل يذكر ويؤنث، ومثله قوله: "كأنهم أعجاز نخل منقعر" وقد تقدم تفسيره وهو إخبار عن عظم أجسامهم. قال يحيى بن سلام: إنما قال خاوية لأن أبدانهم خلت من أرواحهم مثل النخل الخاوية.
7- "سخرها عليهم"، أرسلها عليهم. وقال مقاتل: سلطها عليهم، "سبع ليال وثمانية أيام"، قال وهب: هي الأيام التي تسميها العرب أيام العجوز، ذات برد ورياح شديدة. قيل: سميت عجوزاً لأنها في عجز الشتاء. وقيل: سميت بذلك لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فتبعتها الريح، فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب، "حسوماً"، قال مجاهد وقتادة: متتابعة ليس لها فترة، فعلى هذا فهو من حسم الكي، وهو أن يتابع على موضع الداء بالمكواة حتى يبرأ، ثم قيل لكل شيء توبع: حاسم، وجمعه حسوم، مثل شاهد وشهود، وقال الكلبي ومقاتل: حسوماً دائمة. وقال النضر بن شميل: حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم، والحسم: القطع والمنع ومنه حسم الداء. قال الزجاج: الذي توجبه الآية فعلى معنى تحسمهم حسوماً تفنيهم وتذهبهم. وقال عطية: حسوماً كأنها حسمت الخير عن أهلها، "فترى القوم فيها"، أي في تلك الليالي والأيام، "صرعى"، هلكى جمع صريع، "كأنهم أعجاز نخل خاوية"، ساقطة، وقيل: خالية الأجواف.
7-" سخرها عليهم " سلطها عليهم بقدرته ، وهو استئناف أو صفة جيء به لنفي ما يتوهم من أنها اتصالات فلكية ، إذ لو كانت لكان هو المقدر لها والسبب ." سبع ليال وثمانية أيام حسوماً " متتابعات جمع حاسم من حسمت الدابة إذا تابعت بين كيها ، أو نحسات حسمت كل خير واستأصلته ، أو قاطعات قطعت دابرهم ، ويجوز أن يكون مصدراً منتصباً على العلة بمعنى قطعاً ، أو المصدر لفعله المقدر حالاً أي تحسمهم " حسوماً " ويؤيده القراءة بالفتح ،وهي كانت أيام العجوزمن صبيحة أربعاء إلىغروب الأربعاء الآخر ، وإنما سميت عجوزاً لأنها عجز الشتاء ، أو لأن عجوزاً من عاد توارت في سرب فانتزعها الريح في الثامن فأهلكتها . " فترى القوم " إن كنت حاضرهم " فيها " في مهابها أو في الليالي والأيام " صرعى " موتى جمع صريع " كأنهم أعجاز نخل " أصول نخل . " خاوية " متأكلة الأجواف .
7. Which He imposed on them for seven long nights and eight long days so that thou mightest have seen men lying overthrown, as they were hollow trunks of palm trees.
7 - He made it rage against them seven nights and eight days in succession: so that thou couldst see the (whole) people lying prostrate in its (path), as if they had been roots of hollow palm trees tumbled down!