7 - (فمن يعمل مثقال ذرة) زنة نملة صغيرة (خيرا يره) ير ثوابه
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال لما نزلت ويطعمون الطعام على حبه الآية كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ويقولون إنما وعد الله النار على الكبائر فأنزل الله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
وقوله : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " يقول : فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير ، يرى ثوابه هنالك ومن " يعمل مثقال ذرة شرا يره " يقول : ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك وقيل : ومنم يعمل ، والخبر عنها في الآخرة ، لفهم السامع معنى ذلك ، لما قد تقدم من الدليل قبل على أن معناه : فمن عمل ذلك دلالة قوله " يومئذ يصدر الناس أشتاتا "على ذلك ، ولكن لما كان مفهوماً ما معنى الكلام عند السامعين ، وكان في قوله " يعمل " حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله ، والزجر عن معاصيه ، مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك ، على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله ، وما لهم على ذلك ، أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل .
وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " قال : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيراً ولا شراً في الدنيا ، إلا تآه الله إياه . فأما المؤمن فيره حسناته وسيئاته ، فيغفر الله له سيئاته . وأما الكافر فيرد حسناته ، ويعذبه بسيئاته . وقيل في ذلك غير هذا القول ، فقال بعضهم : أما المؤمن فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا ويؤخر له ثواب حسناته ، والكافر بعجل له ثواب حسناته ، ويؤخر له عقوبة سيئاته .
ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا محمد بن بشر ، قال : حدثني محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن قتادة ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، وهو يفسر هذه الآية " فمن يعمل مثقال ذرة " قال : من يعمل مثقال ذرة من خير ، من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عنده خير " ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس عنده شيء .
حدثني محمود بن خداش ، قال : ثنا محمد بن يزيد الواسطي ، قال : ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، قال : سالت محمد بن كعب القرظي ، عن هذه الآية " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " قال : من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ، ير ثوابها في نفسه وأهله وماله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن ، ير عقوبتها في نفيه وأهله وماله ، حتى يخرج وليس له شر .
حدثني أبو الخطاب الحساني ،قال : ثنا الهيثم بن الربيع ، قال :ثنا سماك بن عطية ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، قال : " كان أبو بكر رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية رسول الله ، إني أجزى بما عملت من مثقال ذرة من شر ؟ فقال : يا ابا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثقال ذر الشر ، ويدخر لك الله مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أيوب ، قال : وجدنا في كتاب أبي قلابة ، عن أبي إدريس : أن أبا بكر كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنززلت هذه الآية " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "فرفع أبو بكر يده من الطعام ، وقال : إني لراء ماعملت قال : لا أعلمه إلا قال : ما عملت من خير وشر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن ما ترى مما تكره فهو مثاقيل ذر شر كثير ، ويدخر اله لك مثاقيل ذر الخير حتى تعطاته يوم القيامة " وتصديق ذلك في كتاب الله " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " [ الشورى : 30] .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، قال : قرأت في كتاب أبي قلابة قال : نزلت " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " و أبو بكر يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، إني لراء ما عملت من خير وشر ؟ فقال أرأيت ما رأيت مما تكره ، فهو من مثاقيل ذر الشر ، ويدخر مثاقيل ذر الخير حتى تعطوه يوم القيامة قال أبو إدريس : فأرى مصداقها في كتاب الله ، قال : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " [ الشورى : 30] .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي ، قال : قال : قالت عائشة : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جدعان كان يصل الرحم ويفعل ويفعل هذا ذاك نافعه ؟ قال : لا إنه لم يقل يوما ( رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين )
حدثنا ابن وكيع قال : ثنا حفص عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : لا ينعفه إنه لم يقل يوماً : ( رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين )
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن عامر الشعبي ، أن عائشة أم المؤمنين قالت : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جدعان ، كان يصل الرحم ، ويقري الضعيف ، ويفك العاني ، فهل ذلك نافعه شيئاً .؟ قال : لا ، إنه لم يقل يوماً : ( رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين )
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن عامر ، عن علقمة ، أن سلمة بن يزيد الجعفي ، قال : " يا رسول الله ، إن أمنا هلكت في الجاهلية ، كانت تصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتفعل وتفعل ، فهل ذلك نافعها شيئاً ؟قال : لا " .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان قال : ثنا داود ، عن الشعبي ، عن علقمة بن قيس ، عن سلمة بن يزيد الجعفي ، قال : " ذهبت أنا وأخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إن أمنا كانت في الجاهلية تقري الضيف ، وتصل الرحم ، هل ينفعها عملها ذلك شيئاً ؟ قال : لا "
حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران و ابن عبد الأعلى ، قالا : ثنا المعتمر بن سليمان قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن سلمة بن يزيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن محمد بن كعب ، أنه قال :أما الؤمن فيرى حسناته في الآخرة ، وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا أبو نعامة ، قال : ثنا عبد العزيز بن بشير الضبي جده سلمان بن عامر " أن سلمان بن عامر جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أبي كان يصل الرحم ، ويفي بالذة ، ويكرم الضيف ، قال : مات قبل الإسلام ؟ قال : نعم ، قال : لن ينفعه ذلك فولى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي بالشيخ ، فجاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها لن تنفعه ، ولكنها تكون في عقبه ، فلن تخزوا ولن تذلوا أبداً ، ولن تفتقروا أبداً " .
حدثنا ابن المثنى ، و ابن بشار ، قالا : ثنا أبو داود ، قال : ثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيعطيه بها في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، لم تكن له حسنة " .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ،قال : ثنا ابن علية ، قال :ثنا ليث ، قال : ثني المعلى عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أحسن من محسن مؤمن أو كافر إلا وثع ثوابه على الله في عاجل دنياه ، أو آجل آخرته " .
حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص " إذا زلزلت الأرض زلزالها " وأبو بكر الصديق قاعد ، فبكى حين أنزلت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال : يبكيني هذه السورة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أنك تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم، لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم . قهذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبئ عن أن الؤمن إنما يرى عقوبة سيئاته في الدناي ، وثواب حسناته في الآخرة ، وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا ، وعقوبة سيئاته في الآخرة .وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في الدنيا مع كفره .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن علي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، قال : أدركت سبعين من أصحاب عبد الله ، أصغرهم الحارث بن سويد ، فسمعته يقرأ "إذا زلزلت الأرض زلزالها " حتى بلغا إلى " ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " قال : إن هذا إحصاء شديد .وقيل : إن الذرة دودة حمراء ليس لها وزن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني إسحاق بن وهب العلاف و محمد بن سنان القزاز ، قالا : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله " مثقال ذرة " قال ابن سنان في حديثه : مثقال ذرة حمراء . وقال ابن وهب في حديثه : نملة حمراء . قال إسحاق : قال يزيد بن هارون : وزعموا أن هذه الدودة الحمراء ليس لها وزن .
قوله تعالى:" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى:" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره" كان ابن عباس يقول: من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيراً يره في الدنيا، ولا يثاب عليه في الآخرة، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة، مع عقاب الشرك، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا، ولا يعاقب عليه في الآخرة إذا مات، ويتجاوز عنه، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه، ويضاعف له في الآخرة. وفي بعض الحديث : (الذرة لازنة لها) وهذا ضربه الله تعالى: أنه لايغفل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة. وهومثل قوله تعالى:" إن الله لا يظلم مثقال ذرة "[النساء:40]. وقد تقدم الكلام هناك في الذر، وأنه لا وزن له. وذكر بعض أهل اللغة أن الذر: أن يضرب الرجل بيده على الأرض، فما علق بها من التراب فهو الذر، وكذا قال ابن عباس: إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة، وقال محمد بن كعب القرظي: فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر، يرى ثوابه في الدنيا، في نفسه وماله وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير. ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن، يرى عقوبته في الدنيا، في نفسه وماله وولده وأهله، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر. دليله ما رواه العلماء الأثبات" من حديث أنس:
أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يأكل، فأمسك وقال: يا رسول الله، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قال: (ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الشر، ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير، حتى تعطوه يوم القيامة) " . قال أبو إدريس: إن مصداقة في كتاب الله:
" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " [الشورى:30] وقال مقاتل : نزلت في رجلين، وذلك أنه لما نزل
" ويطعمون الطعام على حبه" [الإنسان:8] كان أحدهم يأتيه السائل، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة. وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول: إنما أوعد الله النار على الكبائر، فنزلت ترغبهم في القليل من الخيرأن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، ويحذرهم اليسير من الذنب، كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول: إنما أوعد الله النار على الكبائر، فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنه يوشك أن يكثر، يحذرهم اليسير من الذنب، فإن يوشك أن يكثر، وقاله سعيد بن جبير. والإثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء.
الثانية: قراءة العامة(يره) بفتح الياء فيهما. وقرأ الجحدري والسلمي وعيسى بن عمر وأبان عن عاصم: (يره) بضم الياء، أي يريه الله إياه. والأولى الاختيار، لقوله تعالى:" يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا" [آل عمران:30] الآية. وسكن الهاء في قوله (يره) في الموضعين هشام. وكذلك رواه كسائي عن أبي بكر وأبي حيوة والمغيرة. واختلس يعقوب والزهري والجحدري وشيبة. وأشبع الباقون. وقيل (يره)أي يرى جزاءه، لأن ما عمله قد مضى وعدم فلا يرى. وأنشدوا:
إن من يعتدي ويكسب إثما وزن مثقال ذرة سيراه
ويجازى بفعله الشر شرا وبفعل الجميل أيضاً جزاه
هكذا قوله تبارك ربي في إذا زلزلت وجل ثناه
قال ابن عباس : "إذا زلزلت الأرض زلزالها" أي تحركت من أسفلها "وأخرجت الأرض أثقالها" يعني ألقت ما فيها من الموتى قاله غير واحد من السلف, وهذه كقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم" وكقوله: " وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت " وقال مسلم في صحيحه : حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة, فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت, ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً" وقوله عز وجل: " وقال الإنسان ما لها " أي استنكر أمرها بعدما كانت قارة ساكنة ثابتة وهو مستقر على ظهرها أي تقلبت الحال فصارت متحركة مضطربة قد جاءها من أمر الله تعالى ما قد أعده لها من الزلزال الذي لا محيد لها عنه, ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والاخرين, وحينئذ استنكر الناس أمرها وتبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار.
وقوله تعالى: "يومئذ تحدث أخبارها" أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها. قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم حدثنا ابن المبارك وقال الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي واللفظ له حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية: "يومئذ تحدث أخبارها" قال: أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها أن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها" ثم قال الترمذي : هذا حديث صحيح غريب, وفي معجم الطبراني من حديث ابن لهيعة حدثني الحارث بن يزيد سمع ربيعة الحدسي " أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال: تحفظوا من الأرض فإنها أمكم وإنه ليس من أحد عامل عليها خيراً أو شراً إلا وهي مخبرة".
وقوله تعالى: "بأن ربك أوحى لها" قال البخاري : أوحى لها وأوحى إليها ووحى لها ووحى إليها واحد, وكذا قال ابن عباس : أوحى لها أي أوحى إليها, والظاهر أن هذا مضمن بمعنى أذن لها. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "يومئذ تحدث أخبارها" قال: قال لها ربها قولي فقالت, وقال مجاهد : أوحى لها أي أمرها, وقال القرظي : أمرها أن تنشق عنهم, وقوله تعالى: "يومئذ يصدر الناس أشتاتاً" أي يرجعون عن موقف الحساب أشتاتاً أي أنواعاً وأصنافاً ما بين شقي وسعيد مأمور به إلى الجنة ومأمور به إلى النار, قال ابن جريج : يتصدعون أشتاتاً فلا يجتمعون آخر ما عليهم, وقال السدي : أشتاتاً فرقاً. وقوله تعالى: "ليروا أعمالهم" أي ليعلموا بما عملوه في الدنيا من خير وشر, ولهذا قال: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره".
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله , حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخيل لثلاثة, لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر. فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طيلها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات, ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له, ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى به كان ذلك حسنات له, وهي لذلك الرجل أجر. ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي له ستر, ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء فهي على ذلك وزر" فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال: "ما أنزل الله فيها شيئاً إلا هذه الاية الفاذة الجامعة "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" " ورواه مسلم من حديث زيد بن أسلم به.
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا جرير بن حازم , حدثنا الحسن عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق " أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" قال: حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها " . وهكذا رواه النسائي في التفسير عن إبراهيم بن محمد بن يونس المؤدب عن أبيه , عن جرير بن حازم عن الحسن البصري قال: حدثنا صعصعة عم الفرزدق فذكره. وفي صحيح البخاري عن عدي مرفوعاً "اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة" وله أيضاً في الصحيح " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط" وفي الصحيح أيضاً "يا معشر نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة" يعني ظلفها, وفي الحديث الاخر "ردوا السائل ولو بظلف محرق".
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري , حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان" تفرد به أحمد . وروي عن عائشة أنها تصدقت بعنبة وقالت: كم فيها من مثقال ذرة. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر , حدثنا سعيد بن مسلم , سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير , حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل , أن عائشة أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً" ورواه النسائي وابن ماجه من حديث سعيد بن مسلم بن بانك به.
وقال ابن جرير : حدثني أبو الخطاب الحساني , حدثنا الهيثم بن الربيع , حدثنا سماك بن عطية , عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: " كان أبو بكر يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" فرفع أبو بكر يده وقال: يا رسول الله إني أجزى بما عملت من مثقال ذرة من شر فقال: يا أبا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر, ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة" ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي الخطاب به, ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن بشار , حدثنا عبد الوهاب , حدثنا أيوب قال: في كتاب أبي قلابة عن أبي إدريس , إن أبا بكر كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكره, ورواه أيضاً عن يعقوب عن ابن علية عن أيوب عن قلابة أن أبا بكر وذكره.
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى , أخبرنا ابن وهب , أخبرني يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لما نزلت "إذا زلزلت الأرض زلزالها" و أبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى حين أنزلت, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يبكيك يا أبا بكر قال: يبكيني هذه السورة: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم".
(حديث آخر) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة وعلي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة المعروف بعلان المصري قالا حدثنا عمرو بن خالد الحراني , حدثنا ابن لهيعة أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: لما أنزلت "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" قلت: " يا رسول الله إني لراء عملي ؟ قال :نعم قلت: تلك الكبار الكبار. قال :نعم قلت: الصغار الصغار قال :نعم قلت: واثكل أمي! قال: أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشرة أمثالها ـ يعني إلى سبعمائة ضعف ـ ويضاعف الله لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله ولن ينجو أحد منكم بعمله قلت: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة" قال أبو زرعة : لم يرو هذا غير ابن لهيعة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير , حدثني ابن لهيعة , حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" وذلك لما نزلت هذه الاية "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه, فيجيء المسكين إلى أبوابهم, فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجوزة ونحو ذلك فيردونه, ويقولون: ما هذا بشيء, إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه, وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير: الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك. يقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في القليل من الخير أن يعملوه, فإنه يوشك أن يكثر, وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر, فنزلت "فمن يعمل مثقال ذرة" يعني وزن أصغر النمل "خيراً يره" يعني في كتابه ويسره ذلك, قال: يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة, وبكل حسنة عشر حسنات, فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضاً بكل واحد عشر ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات فإذا زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة.
وقال الإمام أحمد حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمران عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه" وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً وأججوا ناراً وأنضجوا ما قذفوا فيها آخر تفسير سورة الزلزلة ولله الحمد والمنة.
8- "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره" أي وزن نملة، وهي أصغر ما يكون من النمل. قال مقاتل: فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة خيراً يره يوم القيامة في كتابه فيفرح به.
7- "فمن يعمل مثقال ذرة"، وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل. "خيراً يره".
7-" فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره " .
7. And whoso doeth good an atom's weight will see it then,
7 - Then shall anyone who has done an atom's weight of good, see it!