71 - (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) فمنكم غني وفقير ومالك ومملوك (فما الذين فضلوا) أي الموالي (برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) أي بجاعلي ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكم (فهم) أي المماليك والموالي (فيه سواء) شركاء والمعنى ليس لهم شركاء من مماليكهم في أموالهم فكيف يجعلون بعض مماليك الله شركاء له (أفبنعمة الله يجحدون) يكفرون حيث يجعلون له شركاء
يقول تعالى ذكره : والله أيها الناس فضل بعضكم على بعض في الرزق الذي رزقكم في الدنيا ، فما الذين فضلهم الله على غيرهم بما رزقهم "برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" يقول :بمشركي ممالكيهم فيما رزقهم من الأموال والأزواج "فهم فيه سواء" يقول : حتى يستووا هم في ذلك وعبيدهم . يقول تعالى ذكره : فهم لا يرضون بأن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقهم سواء ،وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني . وهذا مثل ضربه الله تعالى ذكره للمشركين بالله . وقيل : إنما عني بذلك ، الذين قالوا : إن المسيح ابن الله من النصارى . وقوله "أفبنعمة الله يجحدون" يقول تعالى ذكره : أفبنعمة الله التي أنعمها على هؤلاء المشركين من الرزق الذي رزقهم في الدنيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خلقه ، في سلطانه وملكه ؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ،عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" يقول : لم يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم ،فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني ، فذلك قوله "أفبنعمة الله يجحدون" .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ،عن ابن جريج ، قال :قال ابن عباس : هذه الآية في شأن عيسى ابن مريم ، يعني بذلك نفسه ، إنما عيسى عبد ، فيقول الله : والله ما تشركون عبيدكم في الذين لكم ، فتكونوا أنتم وهم سواء ، فكيف ترضون لي بما لا ترضون لأنفسكم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال: حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً ، ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله "برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" قال : مثل آلهة الباطل مع الله تعالى ذكره .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون" وهذا مثل ضربه الله ، فهل منكم من أحد شارك مملوكه في زوجته وفي فراشه ، فتعدلون بالله خلقه وعباده ، فإن لم ترض لنفسك هذا ، فالله أحق أن ينزه منه من نفسك ، ولا تعدل بالله أحداً من عباده وخلقه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" قال : هذا الذي فضل في المال والود ، لا يشرك عبده ماله وزوجته ، يقول : قد رضيت بذلك الله ، ولم ترض به لنفسك ، فجعلت لله شريكاً في ملكه وخلقه .
قوله تعالى " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " أي جعل منكم غنيا وفقيرا وحرا وعبدا "فما الذين فضلوا " أي في الرزق " برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم " أي لا يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق شيئا حتى يستوي المملوك والمالك في المال . وهذا مثل ضربه الله لعبدة الأصنام ، أي إذا لم يكن عبيدكم معكم سواء فكيف تجعلون عبيدي معي سواء ، فلما لم يكن يشركهم عبيدهم في أموالهم لم يجز لهم أي يشاركوا الله تعالى في عبادة غيره من الأوثان والأنصاب وغيرهما مما عبد كالملائكة والأنبياء وهم عبيده وخلقه . حكى معناه الطبري وقاله ابن عباس ومجاهدوقتادةوغيرهم . وعن ابن عباس أيضا أنها نزلت في نصارى نجران حين قالوا عيسى ابن الله فقال الله لهم " فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم " أي لا يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق حتى يكون المولى والعبد في المال شرعا سواء ، فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم فتجعلون لي ولدا من عبيدي ونظيرها " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء " على ما يأتي ودل هذا على ما يأتي ودل هذا على أن العبد لا يملك على ما يأتي آنفا .
يبين تعالى للمشركين جهلهم وكفرهم فيما زعموه لله من الشركاء, وهم يعترفون أنها عبيد له كما كانوا يقولون في تلبيتهم في حجهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك, تملكه وما ملك, فقال تعالى منكراً عليهم: أنتم لا ترضون أن تساووا عبيدكم فيما رزقناكم, فكيف يرضى هو تعالى بمساواة عبيد له في الإلهية والتعظيم, كما قال في الاية الأخرى: " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " الاية, قال العوفي عن ابن عباس في هذه الاية: يقول لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم, فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني, فذلك قوله: "أفبنعمة الله يجحدون" وقال في الرواية الأخرى عنه: فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم. وقال مجاهد في هذه الاية: هذا مثل الالهة الباطلة, وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله, فهل منكم من أحد يشاركه مملوكه في زوجته وفي فراشه, فتعدلون بالله خلقه وعباده ؟ فإن لم ترض لنفسك هذا, فالله أحق أن ينزه منك.
وقوله: "أفبنعمة الله يجحدون" أي أنهم جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً, فجحدوا نعمته, وأشركوا معه غيره. وعن الحسن البصري قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الرسالة إلى أبي موسى الأشعري: واقنع برزقك من الدنيا, فإن الرحمن فضل بعض عباده على بعض في الرزق بلاء يبتلي به كلاً, فيبتلي من بسط له كيف شكره لله وأداؤه الحق الذي افترض عليه فيما رزقه وخوله, رواه ابن أبي حاتم.
ثم لما بين سبحانه خلق الإنسان وتقلبه في أطوار العمر ذكر طرفاً من أحواله لعله يتذكر عند ذلك فقال: 71- "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق" فجعلكم متفاوتين فيه فوسع على بعض عباده حتى جعل له من الرزق ما يكفي ألوفاً مؤلفة من بني آدم، وضيقه على بعض عباده حتى صار لا يجد القوت إلا بسؤال الناس والتكفف لهم، وذلك لحكمة بالغة تقصر عقول العباد عن تعقلها والاطلاع على حقيقة أسبابها، وكما جعل التفاوت بين عباده في المال جعله بينهم في العقل والعلم والفهم وقوة البدن وضعفه والحسن والقبح والصحة والسقم وغير ذلك من الأحوال، وقيل معنى الآية: أن الله سبحانه أعطى الموالي أفضل مما أعطى مماليكهم بدليل قوله: "فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" أي فما الذين فضلهم الله بسعة الرزق على غيرهم برادي رزقهم الذي رزقهم الله إياه على ما ملكت أيمانهم من المماليك "فهم" أي المالكون والمماليك "فيه" أي في الرزق "سواء" أي لا يردونه عليهم بحيث يساوونهم، فالفاء على هذا للدلالة على أن التساوي مترتب على التراد: أي لا يردونه عليهم رداً مستتبعاً للتساوي، وإنما يردون عليهم منه شيئاً يسيراً، وهذا مثل ضربه الله سبحانه بعبدة الأصنام: أي إذا لم يكونوا عبيدكم معكم سواء ولا ترضون بذلك فكيف تجعلون عبيدي معي سواء والحال أن عبيدكم مساوون لكم في البشرية والمخلوقية، فلما لم تجعلوا عبيدكم مشاركين لكم في أموالكم، فكيف تجعلون بعض عباد الله سبحانه شركاء له فتعبدونهم معه، أو كيف تجعلون بعض مخلوقاته كالأصنام شركاء له في العبادة ذكر معنى هذا ابن جرير، ومثل هذه الآية قوله سبحانه: " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم " وقيل إن الفاء في "فهم فيه سواء" بمعنى حتى، "أفبنعمة الله يجحدون" حيث تفعلون ما تفعلون من الشرك، والنعمة هي كونه سبحانه جعل المالكين مفضلين على المماليك، وقد قرئ "يجحدون" بالتحتية والفوقية. قال أبو عبيدة وأبو حاتم: وقراءة الغيبة أولى لقرب المخبر عنه، ولأنه لو كان خطاباً لكان ظاهره للمسلمين، والاستفهام للإنكار، والفاء للعطف على مقدر: أي يشركون به فيجحدون نعمته، ويكون المعنى على قراءة الخطاب أن المالكين ليسوا برادي رزقهم على مماليكهم، بل أنا الذي أرزقهم وإياهم فلا يظنوا أنهم يعطونهم شيئاً، وإنما هو رزقي أجريه على أيديهم وهم جميعاً في ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم، فيكون المعطوف عليه المقدر فعلاً يناسب هذا المعنى كأن يقال: لا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله.
71 - " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " ، بسط على واحد ، وضيق على الآخر ، وقلل وكثر .
" فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم " ، من العبيد ، " فهم فيه سواء " ، أي : حتى يستووا هم وعبيدهم في ذلك . يقول الله تعالى : لا يرضون أن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقهم سواء ، وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني . يلزم به الحجة على المشركين .
قال قتادة : هذا مثل ضربه الله عز وجل ، فهل منكم أحد يشركه مملوكه في زوجته وفراشه وماله ؟ أفتعدلون بالله خلقه وعباده ؟؟ .
" أفبنعمة الله يجحدون " ، بالإشراك به ، وقرأ أبو بكر بالتاء لقوله " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " ، والآخرون بالياء لقوله : " فهم فيه سواء " .
71."والله فضل بعضكم على بعض في الرزق"فمنكم غني ومنكم فقير، ومنكم موال يتولون رزقهم ورزق غيرهم ومنكم مماليك حالهم على خلاف ذلك ."فما الذين فضلوا برادي رزقهم "بمعطي رزقهم . "على ما ملكت أيمانهم"على مماليكهم فإنما يردون
عليهم رزقهم الذي جعله الله في أيديهم . "فهم فيه سواء" فالموالي والمماليك سواء في أن الله رزقهم ، فالجملة لازمة للجملة المنفية أو مقررة لهاء، ويجوز أن تكون واقعة موقع الجواب كأنه قيل: فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فيستووا في الرزق على أنه رد وإنكار على المشركين فإنهم يشركون بالله بعض مخلوقاته في الألوهية ولا يرضون أن يشاركهم عبيدهم .فيما أنعم الله عليهم فيساورهم فيه."أفبنعمة الله يجحدون"حيث يتخذون له شركاء ، فإنه يقتضي أن يضاف إليهم بعض ما أنعم الله عليهم ويجحدوا أنه من عند الله، أو حيث أنكروا أمثال هذه الحجج بعدما أنعم الله عليهم بإيضاحهم ، والباء لتضمن الجحود معنى الكفر . وقرأ أبو بكر تجحدون بالتاء لقوله :"خلقكم"و"فضل بعضكم".
71. And Allah hath favored some of you above others in provision. Now those who are more favored will by no means hand over their provision to those (slaves) whom their right hands possess, so that they may be equal with them in respect thereof. Is it then the grace of Allah that they deny?
71 - God has bestowed his gifts of sustenance more freely on some of you than on others: those more favored are not going to throw back their gifts to those whom their right hands possess, so as to be equal in that respect. will they then deny the favours of God?