(وإن منكم لمن ليبطئن) ليتأخرن عن القتال كعبد الله بن أبي المنافق وأصحابه وجعله منهم من حيث الظاهر واللام في الفعل للقسم (فإن أصابتكم مصيبة) كقتل وهزيمة (قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا) حاضراً فأصاب
قال أبو جعفر: وهذا نعت من الله تعالى ذكره للمنافقين، نعتهم لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ووصفهم بصفتهم فقال: "وإن منكم"، أيها المؤمنون، يعني: من عدادكم وقومكم، ومن يتشبه بكم، ويظهر أنه من أهل دعوتكم وملتكم، وهو منافق يبطىء من أطاعه منكم عن جهاد عدوكم وقتالهم إذا أنتم نفرتم إليهم، "فإن أصابتكم مصيبة"، يقول: فإن أصابتكم هزيمة، أو نالكم قتل أو جراح من عدوكم، "قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا"، فيصيبني جراح أو ألم أو قتل، وسره تخلفه عنكم، شماتة بكم، لأنه من أهل الشك في وعد الله الذي وعد المؤمنين على ما نالهم في سبيله من الأجر والثواب، وفي وعيده. فهو غير راج ثواباً، ولا خائف عقاباً.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة" إلى قوله: "فسوف نؤتيه أجرا عظيما"، ما بين ذلك في المنافقين.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وإن منكم لمن ليبطئن" عن الجهاد والغزو في سبيل الله، "فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا"، قال: هذا قول مكذب.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج: المنافق يبطىء المسلمين عن الجهاد في سبيل الله، قال الله "فإن أصابتكم مصيبة"، قال: بقتل العدو من المسلمين، "قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا"، قال: هذا قول الشامت.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "فإن أصابتكم مصيبة"، قال: هزيمة.
ودخلت اللام في قوله: "لمن"، وفتحت، لأنها اللام التي تدخل توكيداً للخبر مع إن كقول القائل: إن في الدار لمن يكرمك. وأما اللام الثانية التي في "ليبطئن"، فدخلت لجواب القسم، كان معنى الكلام: وإن منكم أيها القوم لمن والله ليبطئن.
قوله تعالى : " وإن منكم لمن ليبطئن " يعني المنافقين والتبطئة والإبطاء التأخر تقول: ما أبطأك عنا فهو لازم ويجوز بطأت فلاناً عن كذا أي أخرته فهو متعد والمعنيان مراد في الآية فكانوا يقعدون عن الخروج ويقعدون غيرهم والمعنى إن من دخلائكم وجنسكم وممن أظهر إيمانه لكم فالمنافقون في ظاهر الحال من أعداد المسلمين بإجراء أحكام المسلمين عليهم اللام في قوله " لمن " لام توكيد، والثانية لام قسم و" من " في موضع نصب، وصلتها"ليبطئن " لأن فيه معنى اليمن والخبر ، "منكم " وقرأ مجاهد والنخعي والكلبي وإن منكم لمن ليبطئن بالتخفيف والمعنى واحد وقيل: المراد بقوله : " وإن منكم لمن ليبطئن " بعض المؤمنين لأن الله خاطبهم بقوله : " وإن منكم " وقد فرق الله تعالى بين المؤمنين والمنافقين بقوله :" وما هم منكم " [التوبة:56] وهذا يأباه مساق الكلام وظاهره وإنما جمع بينهم في الخطاب من جهة الجنس والنسب كما بينا لا من جهة الإيمان هذا قول الجمهور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى والله أعلم . يدل عليه قوله : " فإن أصابتكم مصيبة" أي قتل وهزيمة " قال قد أنعم الله علي " يعني بالقعود وهذا لا يصدر إلا من منافق، لا سيما في ذلك الزمان الكريم بعيد أن يقوله مؤمن وينظر إلى هذه الآية ما رواه الأئمة "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إخباراً عن المنافقين :
إن أثقل صلاة عليهم العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبواً" الحدث في رواية :" ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها " يعني صلاة العشاء يقول: لو لاح شيء من الدنيا يأخذونه وكانوا على يقين منه لبدروا إليه وهو معنى قوله " ولئن أصابكم فضل من الله " أي غنيمة وفتح " ليقولن " هذا المنافق قول نادم حاسد " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما" "كأن لم تكن بينكم وبينه مودة " فالكلام في تقديم وتأخير وقيل: المعنى " ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة " أي كأن لم يعاقدكم على الجهاد وقيل: هو في موضع نصب على الحال وقرأ الحسن ليقولن بضم اللام على معنى من لأن معنى قوله لمن ليبطئن ليس يعني رجلاً بعينه ومن فتح اللام أعاد فوحد الضمير على لفظ من وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم كأن لم تكن بالتاء على لفظ المودة ومن قرأ بالياء جعل مودة بمعنى الود وقول المنافق " يا ليتني كنت معهم " على وجه الحسد أو الأسف على فوت الغنيمة مع الشك في الجزاء من الله "فأفوز " جواب التمني ولذلك نصب وقرأ الحسن فأفوز بالرفع على أنه تمنى الفوز فكأنه قال : يا ليتني أفوز فوزاً عظيماً والنصب على الجواب والمعنى إن أكن معهم أفز والنصب فيه بإضمار أن لأنه محمول على تأويل المصدر التقدير يا ليتني كان لي حضور ففوز
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم, وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد, وتكثير العدد بالنفير في سبيل الله "ثبات" أي جماعة بعد جماعة وفرقة بعد فرقة وسرية بعد سرية, والثباب جمع ثبة, وقد تجمع الثبة على ثبين, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله: "فانفروا ثبات" أي عصباً يعني, سرايا متفرقين "أو انفروا جميعاً" يعني كلكم, وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وخصيف الجزري.
وقوله تعالى: "وإن منكم لمن ليبطئن" قال مجاهد وغير واحد: نزلت في المنافقين, وقال مقاتل بن حيان: "ليبطئن" أي ليتخلفن عن الجهاد, ويحتمل أن يكون المراد أنه يتباطأ هو في نفسه, ويبطىء غيره عن الجهاد كما كان عبد الله بن أبي بن سلول ـ قبحه الله ـ يفعل, يتأخر عن الجهاد ويثبط الناس عن الخروج فيه. وهذا قول ابن جريج وابن جرير, ولهذ قال تعالى إخباراً عن المنافق أنه يقول: إذا تأخر عن الجهاد "فإن أصابتكم مصيبة" أي قتل وشهادة وغلب العدو لكم لما لله في ذلك من الحكمة " قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا " أي إذ لم أحضر معهم وقعة القتال يعد ذلك من نعم الله عليه, ولم يدر ما فاته من الأجر في الصبر أو الشهادة إن قتل.
"ولئن أصابكم فضل من الله" أي نصر وظفر وغنيمة "ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة" أي كأنه ليس من أهل دينكم "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً" أي بأن يضرب لي بسهم معهم فأحصل عليه. وهو أكبر قصده وغاية مراده.
ثم قال تعالى: "فليقاتل" أي المؤمن النافر " في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة " أي يبيعون دينهم بعرض قليل من الدنيا, وما ذلك إلا لكفرهم وعدم إيمانهم, ثم قال تعالى: "ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" أي كل من قاتل في سبيل الله سواء قتل أو غلب عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل, كما ثبت في الصحيحين: وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة.
قوله 72- "وإن منكم لمن ليبطئن" التبطئة والإبطاء التأخر، والمراد: المنافقون كانوا يقعدون عن الخروج ويقعدون غيرهم. والمعنى: أن من دخلائكم وجنسكم ومن أظهر إيمانه لكم نفاقاً من يبطئ المؤمنين ويثبطهم، واللام في قوله "لمن" لام توكيد. وفي قوله "ليبطئن" لام جواب القسم، ومن في موضع نصب وصلتها الجملة، وقرأ مجاهد والنخعي والكلبي "ليبطئن" بالتخفيف "فإن أصابتكم مصيبة" من قتل أو هزيمة أو ذهاب مال. قال هذا المنافق: قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم حتى يصيبني ما أصابهم.
72-قوله تعالى:"وإن منكم لمن ليبطئن"،نزلت في المنافقين.
وإنما قال" منكم"لاجتماعهم مع أهل الإيمان في الجنسية والنسب وإظهار الإسلام ، لا في الحقيقة الإيمان،"ليبطئن"أي: ليتأخرن، وليتثاقلن عن الجهاد ، وهو عبد الله بن أبي المنافق، واللام في "ليبطئن" لام القسم ، والتبطئة : التأخر عن الأمر، يقال: ما أبطأ بك ؟ أي: ما أخرك عنا؟ ويقال: أبطأ إبطاءً وبطاً يبطىء تبطئه . "فإن أصابتكم مصيبة" أي: قتل وهزيمة،"قال قد أنعم الله علي" بالقعود،"إذ لم أكن معهم شهيداً"، أي : حاضراً في تلك الغزاة فيصيبني ما أصابهم.
72"وإن منكم لمن ليبطئن" الخطاب لعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين منهم والمنافقين والمبطئون منافقوهم تثاقلوا وتخلفوا عن الجاه، من بطأ بمعنى أبطأ وهو لازم أو ثبطوا غيرهم كما ثبط ابن أبي ناساً يوم أحد، من بطأ منقولاً من بطؤ كثقل من ثقل واللام الأولى للابتداء دخلت اسم إن للفصل بالخبر، والثانية جواب قسم محذوف والقسم بجوابه صلة من والراجع إليه ما استكن في ليبطئن والتقدير: وإن منكم لمن أقسم بالله ليبطئن.
"فإن أصابتكم مصيبة" كقتل وهزيمة. "قال" المبطئ. "قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً" حاضراً فيصيبني ما أصابهم.
72. Lo! among you there is he who Loitereth; and if disaster overtook you, he would say: Allah hath been gracious unto me since I was not present with them
72 - There are certainly among you men who would tarry behind: if a misfortune befalls you, they say: God did favour us in that we were not present among them.