73 - (وإذا تتلى عليهم) أي المؤمنين والكافرين (آياتنا) من القرآن (بينات) واضحات حال (قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين) نحن وأنتم (خير مقاما) منزلا ومسكنا بالفتح من قام وبالضم من أقام (وأحسن نديا) بمعنى النادي وهو مجتمع القوم يتحدثون فيه يعنون نحن فنكون خيرا منكم
يقول تعالى ذكره : وإذا تتلى على الناس آياتنا التي أنزلناها على رسولنا محمد بينات ، يعني واضحات لمن تأملها وفكر فيها أنها أدلة على ما جعلها الله أدلة عليه لعباده ، قال الذين كفروا بالله وبكتابه وآياته ، وهم قريش ، للذين آمنوا فصدقوا به ، وهم أصحاب محمد "أي الفريقين خير مقاما"؟ يعني بالمقام : موضع إقامتهم ، وهي مساكنهم ومنازلهم "وأحسن نديا" وهو المجلس ، يقال منه : ندوت القوم أندوهم ندواً : إذا جمعتهم في مجلس ، ويقال : هو في ندي قومه وفي ناديهم: بمعنى واحد، ومن الندي قول حاتم:
ودعيت في أولى الندي ولم ينظر إلي بأعين خزر
وتأويل الكلام : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ، قال الذين كفروا للذين آمنوا : أي الفريقين منا ومنكم أوسع عيشاً، وأنعم بالاً، وأفضل مسكناً، وأحسن مجلساً، وأجمع عدداً وغاشية في المجلس ، نحن أم أنتم ؟.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، قوله "خير مقاما وأحسن نديا" قال : المقام : المنزل ، والندي : المجلس.
حدثنا ابن المثنى، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة، عن سليمان ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس بمثله.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا"؟ قال : المقام : المسكن ، والندي : المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها، وهو كما قال الله لقوم فرعون ، حين أهلكهم وقص شأنهم في القرآن فقال "كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين" [الدخان :5 2 - 6 2 - 27 ] فالمقام : المسكن والنعيم ، والندي : المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيه ، وقال الله فيما قص على رسوله في أمر لوط إذ قال "وتأتون في ناديكم المنكر" [العنكبوت : 29 ]. والعرب تسمي المجلس : النادي.
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله "وأحسن نديا" يقول مجلساً.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، في قول الله "أي الفريقين" قال : قريش تقولها لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم "وأحسن نديا" قال : مجالسهم ، يقولونه أيضا.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد، نحوه.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا" رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيشهم خشونة ، وفيهم قشافة ، فعرض أهل الشرك بما تسمعون قوله "وأحسن نديا" يقول : مجلساً.
حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله "أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا" قال : الندي : المجلس ، وقرأ قول الله تعالى "فليدع ناديه" [العلق : 7 ] قال : مجلسه.
قوله تعالى: " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " أي على الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله تعالى: " أإذا ما مت لسوف أخرج حيا " [مريم: 66]. وقال فيهم: " ونذر الظالمين فيها جثيا " أي هؤلاء إذا قرىء عليهم القرآن تعززوا بالدنيا، وقالوا: فما بالنا - إن كنا على باطل - أكثر أموالاً وأعز نفراً. وغرضهم إدخال الشبهة على المستضعفين وإيهامهم أن من كثر ماله دل ذلك على أنه المحق في دينه، وكأنهم لم يروا في الكفار فقيراً ولا في المسلمين غنياً، ولم يعلموا أن الله تعالى نحى أولياءه عن الاغترار بالدنيا، وفرط الميل إليها. و " بينات " معناه مرتلات الألفاظ، ملخصة المعاني، مبينات المقاصد، إما محكمات، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات، أو تبيين الرسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً. أو ظاهرات الإعجاز تحدي بها فلم يقدر على معارضتها. أو حججاً وبراهين. والوجه أن تكون حالاً مؤكدة، كقوله تعالى: " وهو الحق مصدقا " [البقرة: 91] لأن آيات الله تعالى لا تكون إلا واضحة وحججاً. " قال الذين كفروا " يريد مشركي قريش النضر بن الحارث وأصحابه. " للذين آمنوا " يعني فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت فيهم قشافة، وفي عيشهم خشونة، وفي ثيابهم رثاثة، وكان المشركون يرجلون شعورهم، ويدهنون رؤوسهم، ويلبسون خير ثيابهم، فقالوا: للمؤمنين: " أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ". قرأ ابن كثير و ابن محيصن وحميد وشبل بن عباد " مقاما " بضم الميم، وهو موضع الإقامة ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإقامة. الباقون " مقاماً " بالفتح، أي منزلاً ومسكناً. وقيل: المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة، أي أي الفريقين أكثر جاهاً وأنصاراً. " وأحسن نديا " أي مجلساً، عن ابن عباس. وعنه أيضاً المنظر وهو المجلس في اللغة وهو النادي ومنه دار الندوة لأن المشركين يتشاورون فيها في أمورهم وناداه جالسه في النادي قال:
أنادي به آل الوليد وجعفرا
والندي على فعيل مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى والمنتدى، فإن تفرق القوم فليس بندي، قاله الجوهري.
يخبر تعالى عن الكفار حين تتلى عليهم آيات الله ظاهرة الدلالة بينة الحجة واضحة البرهان أنهم يصدون ويعرضون عن ذلك ويقولون عن الذين آمنوا مفتخرين عليهم ومحتجين على صحة ما هم عليه من الدين الباطل بأنهم "خير مقاماً وأحسن ندياً" أي أحسن منازل وأرفع دوراً وأحسن ندياً وهو مجتمع الرجال للحديث أي ناديهم أعمر وأكثر وارداً وطارقاً يعنون فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطل وأولئك الذين هم مختفون مستترون في دار الأرقم بن أبي الأرقم ونحوها من الدور على الحق كما قال تعالى مخبراً عنهم: "وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه" وقال قوم نوح: "أنؤمن لك واتبعك الأرذلون" وقال تعالى: " وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين " ولهذا قال تعالى راداً على شبهتهم "وكم أهلكنا قبلهم من قرن" أي وكم من أمة وقرن من المكذبين قد أهلكناهم بكفرهم "هم أحسن أثاثاً ورئياً" أي كانوا أحسن من هؤلاء أموالاً ومناظر وأشكالاً وأمتعة قال الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس "خير مقاماً وأحسن ندياً" قال المقام المنزل والندي المجلس والأثاث المتاع والرئي المنظر, وقال العوفي عن ابن عباس المقام المسكن والندي المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها وهو كما قال الله لقوم فرعون حين أهلكهم وقص شأنهم في القرآن: " كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم " فالمقام المسكن والنعيم, والندي المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيه, وقال تعالى فيما قص على رسوله من أمر قوم لوط: "وتأتون في ناديكم المنكر" والعرب تسمي المجلس النادي, وقال قتادة : لما رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيشهم خشونة وفيهم قشافة فعرض أهل الشرك ما تسمعون "أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً" وكذا قال مجاهد والضحاك ومنهم من قال في الأثاث هو المال ومنهم من قال الثياب ومنهم من قال المتاع والرئي المنظر كما قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد, وقال الحسن البصري يعني الصور وكذا قال مالك : "أثاثاً ورئياً" أكثر أموالاً وأحسن صوراً والكل متقارب صحيح.
الضمير في قوله 73- "عليهم" راجع إلى الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله: " أإذا ما مت لسوف أخرج حيا " أي هؤلاء إذا قرئ عليهم القرآن تعذروا بالدنيا، وقالوا: لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم في الدنيا أطيب من حالنا، ولم يكن بالعكس، لأن الحكيم لا يليق به أن يهين أولياءه ويعز أعداءه، ومعنى البينات الواضحات التي لا تلتبس معانيها، وقيل ظاهرات الإعجاز، وقيل إنها حجج وبراهين، والأول أولى. وهي حال مؤكدة لأن آيات الله لا تكون إلا واضحة، ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله: "قال الذين كفروا" للإشعار بأن كفرهم هو السبب لصدور هذا القول عنهم، وقيل المراد بالذين كفروا هنا هم المتمردون المصرون منهم، ومعنى قالوا "للذين آمنوا" قالوا لأجلهم، وقيل هذه اللام هي لام التبليغ كما في قوله: "وقال لهم نبيهم" أي خاطبوهم بذلك وبلغوا القول إليهم "أي الفريقين خير مقاماً" المراد بالفريقين المؤمنون والكافرون، كأنهم قالوا أفريقنا خير أم فريقكم، قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد "مقاماً" بضم الميم وهو موضع الإقامة، ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإقامة، وقرأ الباقون بالفتح: أي منزلاً ومسكناً وقيل المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة والمعنى: أي الفريقين أكبر جاهاً وأكثر أنصاراً وأعواناً، والندي والنادي: مجلس القوم ومجتمعهم، ومنه قوله تعالى: "تأتون في ناديكم المنكر" وناداه: جالسه في النادي، ومنه دار الندوة، لأن المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم، ومنه أيضاً قول الشاعر:
أنادي به آل الوليد وجعفراً
73 - قوله عز وجل : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " ، واضحات ، " قال الذين كفروا " ، يعني : النضر بن الحارث وذويه من قريش ،" للذين آمنوا " ، يعني فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت فيهم قشافة ، وفي عيشهم خشونة ، وفي ثيابهم رثاثة ، وكان المشركون يرجلون شعورهم ، ويدهنون رؤوسهم ويلبسون حرير ثيابهم ، فقالوا للمؤمنين : " أي الفريقين خير مقاماً " ، منزلاً ومسكناً ، [ وهو موضع الإقامة .
وقرأ ابن كثير : " مقاماً " بضم الميم أي إقامة] .
" وأحسن ندياً " ، أي مجلساً ، ومثله النادي ، فأجابهم الله تعالى فقال :
73 -" وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات "مرتلات الألفاظ مبينات المعاني بنفسها أو ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم أو واضحات الإعجاز. " قال الذين كفروا للذين آمنوا " لأجلهم أو معهم. " أي الفريقين " المؤمنين والكافرين. " خير مقاماً" موضع قيام أو مكاناً. وقرأ ابن كثير بالضم أي موضع إقامة ومنزل. " وأحسن نديا" مجلسا ومجتمعا والمعنى أنهم لما سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها، أخذوا في الافتخار بما لهم من حظوظ الدنيا والاستدلال بزيادة حظهم فيها على فضلهم وحسن حالهم عند الله تعالى، لقصور نظرهم على الحال وعلمهم بظاهر من الحياة الدنيا فرد عليهم ذلك أيضاً مع التهديد نقضاً بقوله:
73. And when Our clear revelations are recited unto them those who disbelieve say Unto those who believe: Which of the two parties (yours or ours) is better in position, and more imposing as an army?
73 - When our clear signs Are rehearsed to them, The unbelievers say to those who belive, Which of the two sides is best in point of position? which makes the best Show in council?