75 - (ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه) قومه (بآياتنا) التسع (فاستكبروا) عن الإيمان بها (وكانوا قوما مجرمين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد الرسل الذين أرسلناهم من بعد نوح إلى قومهم، موسى وهرون ابني عمران، إلى فرعون مصر وملئه، يعني: وأشراف قومه وسادتهم، " بآياتنا "، يقول: بأدلتنا على حقيقة ما دعوهم إليه من الإذعان لله بالعبودة، والإقرار لهما بالرسالة، " فاستكبروا "، يقول: فاستكبروا عن الإقرار بما دعاهم إليه موسى وهرون، " وكانوا قوما مجرمين "، يعني: آثمين بربهم، بكفرهم بالله.
قوله تعالى: "ثم بعثنا من بعدهم" أي من بعد الرسل والأمم. "موسى وهارون إلى فرعون وملئه" أي أشراف قومه. "بآياتنا" يريد الآيات التسع، وقد تقدم ذكرها. "فاستكبروا" أي عن الحق. "وكانوا قوماً مجرمين" أي مشركين.
يقول تعالى ثم بعثنا من بعد نوح رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبينات أي بالحجج والأدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به "فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل" أي فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم كقوله تعالى: "ونقلب أفئدتهم وأبصارهم" الاية وقوله: "كذلك نطبع على قلوب المعتدين" أي كما طبع الله على قلوب هؤلاء فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم هكذا يطبع الله على قلوب من أشبههم ممن بعدهم ويختم على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم, والمراد أن الله تعالى أهلك الأمم المكذبة للرسل وأنجى من آمن بهم وذلك من بعد نوح عليه السلام فإن الناس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السلام على الإسلام إلى أن أحدث الناس عبادة الأصنام فبعث الله إليهم نوحاً عليه السلام ولهذا يقول له المؤمنون يوم القيامة: أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. وقال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام, وقال الله تعالى: "وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح" الاية, وفي هذا إنذار عظيم لمشركي العرب الذين كذبوا سيد الرسل وخاتم الأنبياء والمرسلين فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما ذكره الله تعالى من العذاب والنكال فماذا ظن هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك.
قوله: 75- "ثم بعثنا من بعدهم" معطوف على قوله: "ثم بعثنا من بعده رسلاً" والضمير في من بعدهم راجع إلى الرسل المتقدم ذكرهم، وخص موسى وهارون بالذكر مع دخولهما تحت الرسل لمزيد شرفهما وخطر شأن ما جرى بينهما وبين فرعون، والمراد بالملأ الأشراف، والمراد بالآيات: المعجزات، وهي التسع المذكورة في الكتاب العزيز "فاستكبروا" عن قبولها ولم يتواضعوا لها ويذعنوا لما اشتملت عليه من المعجزات الموجبة لتصديق ما جاء بها "وكانوا قوماً مجرمين" أي كانوا ذوي إجرام عظام وآثام كبيرة، فبسبب ذلك اجترأوا على ردها، لأن الذنوب تحول بين صاحبها وبين إدراك الحق وإبصار الصواب، قيل: وهذه الجملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها.
75-"ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه"، يعني: أشراف قومه، "بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين".
75."ثم بعثنا من بعدهم"من بعد هؤلاء الرسل."موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا"بالآيات التسع."فاستكبروا"عن اتباعهما."وكانوا قوماً مجرمين"معتادين الأجرام فلذلك تهاونوا برسالة ربهم واجترؤوا على ردها.
75. Then, after them, We sent Moses and Aaron unto Pharaoh and his chiefs with Our revelations, but they were arrogant and were a guilty folk.
75 - Then after them sent we Moses and Aaron to Pharaoh and his chiefs with our signs. but they were arrogant: they were a people in sin.