8 - (أليس الله بأحكم الحاكمين) هو أقضى القاضين وحكم بالجزاء من ذلك وفي الحديث: "من قرأ والتين إلى آخرها فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين"
وقوله :" أليس الله بأحكم الحاكمين " يقول تعالى ذكره : أليس الله يا محمد بأحكم من حكم في أحكامه ، وفصل قضائه بين عباده ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ذلك فيبما بلغنا قال : بلى .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة :" أليس الله بأحكم الحاكمين "؟ ذكر لن أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كن إذا قرأها قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين .
حدثنا أبو كريب ،قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، قال :كان ابن عباس إذا قرأ :" أليس الله بأحكم الحاكمين ".؟ قال : سبحانك اللهم ، وبلى .
حدثنا ابن عبد الأعلى . قال :ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : كان قتادة إذا تلا : :" أليس الله بأحكم الحاكمين " قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، أحسبه كان يرفع ذلك ، وإذا قرأ "أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى " [ القيامة : 40] قال : بلى ، وإذا تلا " فبأي حديث بعده يؤمنون " [ المراسلات : 50] قلا : آمنت بالله ، وبما أنزل .
قوله تعالى:" أليس الله بأحكم الحاكمين" أي أتقن الحاكمين صنعاً في كل ما خلق. وقيل: " بأحكم الحاكمين" قضاء بالحق، وعدلاً بين الخلق، وفيه تقدير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم. وألف الاستفهام إذا دخلت على النفي وفي الكلام معنى التوقيف صارإيجاباً، كما قال:
ألستم خير من ركب المطايا
وقيل: " فما يكذبك بعد بالدين * أليس الله بأحكم الحاكمين": منسوخة بآية السيف. وقيل: هي ثابتة، لأنه لا تنافي بينهما. وكان ابن عباس وعلي بن أبي طالب الشاهدين، فيختار ذلك. والله أعلم. ورواه الترمذي عن أبي هريرة قال:
من قرأ سورة (والتين والزيتون) فقرأ (أليس الله بأحكم الحاكمين) فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين. والله أعلم.
اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل المراد بالتين مسجد دمشق, وقيل: هي نفسها, وقيل الجبل الذي عندها, وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف, وروى العوفي عن ابن عباس أنه مسجد نوح الذي على الجودي, وقال مجاهد : هو تينكم هذا "والزيتون" قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو مسجد بيت المقدس. وقال مجاهد وعكرمة : هو هذا الزيتون الذي تعصرون "وطور سينين" قال كعب الأحبار وغير واحد: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام, "وهذا البلد الأمين" يعني مكة, قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار ولا خلاف في ذلك, وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار:
(فالأول) محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام. (والثاني) طور سينين, وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. (والثالث) مكة, وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً, وهو الذي أرسل فيه محمداً صلى الله عليه وسلم, قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء ـ يعني الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ـ وأشرق من ساعير ـ يعني جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى ـ واستعلن من جبال فاران ـ يعني جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً صلى الله عليه وسلم فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان, ولهذا أقسم بالأشرف ثم الأشرف منه ثم بالأشرف منهما.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" هذا هو المقسم عليه, وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى النار, قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم, ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيرهم إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل لهذا قال: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" وقال بعضهم "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى أرذل العمر, وروي هذا عن ابن عباس وعكرمة حتى قال عكرمة : من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر, واختار ذلك ابن جرير , ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك لأن الهرم قد يصيب بعضهم, وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " وقوله: "فلهم أجر غير ممنون" أي غير مقطوع كما تقدم.
ثم قال: "فما يكذبك" أي يا ابن آدم "بعد بالدين" أي بالجزاء في المعاد, ولقد علمت البداءة وعرفت أن من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى, فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا ؟ قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور قال: قلت لمجاهد "فما يكذبك بعد بالدين" عنى به النبي صلى الله عليه وسلم قال: معاذ الله, عنى به الإنسان وهكذا قال عكرمة وغيره. وقوله تعالى: "أليس الله بأحكم الحاكمين" أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً, ومن عدله أن يقيم القيامة فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه. وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً "فإذا قرأ أحدكم والتين والزيتون فأتى على آخرها "أليس الله بأحكم الحاكمين" فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين" آخر تفسير سورة التين والزيتون ولله الحمد والمنة.
8- "أليس الله بأحكم الحاكمين" أي أليس الذي فعل ما فعل مما ذكرنا بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً؟ حتى تتوهم عدم الإعادة والجزاء، وفيه وعيد شديد للكفار، ومعنى أحكم الحاكمين: أتقن الحاكمين في كل ما يخلق، وقيل أحكام الحاكمين قضاءً وعدلاً. والاستفهام إذا دخل على النفي صار الكلام إيجاباً كما تقدم تفسير قوله: "ألم نشرح لك صدرك".
وقد أخرج الخطيب وابن عساكر قال السيوطي بسند فيه مجهول عن الزهري عن أنس قال: لما أنزلت سورة التين والزيتون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح فرحاً شديداً حتى تبين لنا شدة فرحه، فسألنا ابن عباس عن تفسيرها فقال: التين بلاد الشام، والزيتون بلاد فلسطين، وطور سيناء الذي كلم الله عليه موسى وهذا البلد الأمين مكة "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" محمداً "ثم رددناه أسفل سافلين" عبدة اللات والعزى "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون" أبو بكر وعمر وعثمان وعلي " فما يكذبك بعد بالدين * أليس الله بأحكم الحاكمين " إذ بعثك فيهم نبياً وجمعك على التقوى يا محمد، ومثل هذا التفسير من ابن عباس لا تقوم به حجة لما تقدم من كون في إسناده ذلك المجهول. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "والتين والزيتون" قال: مسجد نوح الذي بني على الجودي، والزيتون قال: بيت المقدس "وطور سينين" قال: مسجد الطور "وهذا البلد الأمين" قال: مكة "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم". " ثم رددناه أسفل سافلين " يقول: يرد إلى أرذل العمر كبر حتى ذهب عقله، هم نفر كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سفهت عقولهم، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم "فما يكذبك بعد بالدين" يقول: بحكم الله. وأخرج ابن مردويه عنه نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه أيضاً "والتين والزيتون" قال: الفاكهة التي يأكلها الناس "وطور سينين" قال: الطور الجبل، والسينين المبارك. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضاً "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" قال في أعدل خلق "ثم رددناه أسفل سافلين" يقول: إلى أرذل العمر "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون" يعني غير منقوص، يقول فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر وكان يعمل في شبابه عملاً صالحاً كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما عمل في كبره، ولم تكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله: " ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " قال: لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئاً. وأخرج ابن أبي حاتم عنه "ثم رددناه أسفل سافلين" يقول: إلى الكبر وضعفه، فإذا كبر وضعف عن العمل كتب له مثل أجر ما كان يعمل في شبيبته. وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً". وأخرج الترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعاً "من قرأ التين والزيتون، فقرأ "أليس الله بأحكم الحاكمين" فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين" وأخرج ابن مردويه عن جابر مرفوعاً "إذا قرأت التين والزيتون فقرأ "أليس الله بأحكم الحاكمين" فقل بلى". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ "أليس الله بأحكم الحاكمين" قال: سبحانك اللهم فبلى اهـ.
8- "أليس الله بأحكم الحاكمين"، بأقضى القاضين، قال مقاتل: أليس الله يحكم بينك وبين أهل التكذيب بك يا محمد.
وروينا "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ "والتين والزيتون" فانتهى إلى آخرها: "أليس الله بأحكم الحاكمين" فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت الأنصاري قال: سمعت البراء بن عازب قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون".
8-" أليس الله بأحكم الحاكمين " تحقيق لما سبق والمعنى أليس الذي فعل ذلك من الخلق والرد " بأحكم الحاكمين " صنعاً وتدبيراً ومن كان كذلك كان قادراً على الإعادة والجزاء على ما مر مراراً .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والتين أعطاه الله العافيه واليقين ما دام حياً ، فإذا مات أعطاه الله من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة " .
8. Is not Allah the most conclusive of all judges?
8 - Is not God the wisest of Judges?