84 - (قل كل) منا ومنكم (يعمل على شاكلته) طريقته (فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) طريقا فيثيبه
يقول عزوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للناس : كلكم يعمل على شاكلته : على ناحيته وطريقته " فربكم أعلم بمن " هو منكم " أهدى سبيلاً " يقول : ربكم أعلم بمن هو منكم أهدى طريقاً إلى الحق من غيره .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " كل يعمل على شاكلته " يقول : على ناحيته .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " على شاكلته " قال : على ناحيته .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " قل كل يعمل على شاكلته " قال على طبيعته على حدته.
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " قل كل يعمل على شاكلته " يقول : على ناحيته وعلى ما ينوي .
وقال اخرون : الشاكلة ، الدين .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " كل يعمل على شاكلته " قال : على دينه ، الشاكلة : الدين .
قوله تعالى : " قل كل يعمل على شاكلته " قال ابن عباس : ناحيته ، وقاله الضحاك ، مجاهد : طبيعته ، وعنه : حدته ، ابن زيد : على دينه ، الحسن و قتادة : نيته مقاتل : جبلته ، الفراء : على طريقته ومذهبه الذي جبل عليه ، وقيل : قل كل يعمل على ما هو أشكل عنده وأولى بالصواب في اعتقاده ، وقيل : هو مأخوذ من الشكل ، يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي ، قال الشاعر :
كل امرئ يشبهه فعله ما يفعل المرء فهو أهله
فالشكل هو المثل والنظير والضرب ، كقوله تعالى : " وآخر من شكله أزواج " [ ص : 58 ] ، والشكل ( بكسر الشين ) : الهيئة ، يقال : جارية حسنة الشكل ، وهذه الأقوال كلها متقاربة ، والمعنى : أن كل أحد يعمل على ما يشاكل أصله وأخلاقه التي ألفها ، وهذا ذم للكافر ومدح للمؤمن ، والآية والتي قبلها نزلتا في الوليد بن المغيرة ، ذكره المهدوي " فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " أي بالمؤمن والكافر وما سيحصل من كل واحد منهم ، وقيل : ( أهدى سبيلاً ) أي أسرع قبولاً ، وقيل : أحسن ديناً ، وحكى أن الصحابة رضوان الله عليهم تذاكروا القرآن فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية أرجى وأحسن من قوله تبارك وتعالى : " قل كل يعمل على شاكلته " فإنه لا يشاكل بالعبد إلا العصيان ولا يشاكل بالرب إلا الغفران ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية أرجى وأحسن من قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم" تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول " [ غافر : 1 - 3 ] ، قد غفران الذنوب على قبول التوبة ، وفي هذا إشارة للمؤمنين ، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه : قرأت جميع القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى : " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " [ الحجر : 49 ] ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " [ الزمر : 53 ] .
قلت : وقرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من وقوله تعالى : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " [ الأنعام : 82 ] .
يخبر تعالى عن نقص الإنسان من حيث هو إلا من عصمه الله تعالى في حالتي السراء والضراء, فإنه إذا أنعم الله عليه بمال وعافية وفتح ورزق ونصر, ونال ما يريد, أعرض عن طاعة الله وعبادته ونأى بجانبه. قال مجاهد : بعد عنا, قلت: وهذا كقوله تعالى: "فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه" وقوله: "فلما نجاكم إلى البر أعرضتم" وبأنه إذا مسه الشر وهو المصائب, والحوادث والنوائب "كان يؤوساً" أي قنط أن يعود فيحصل له بعد ذلك خير, كقوله تعالى: "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير"
وقوله تعالى: "قل كل يعمل على شاكلته" قال ابن عباس : على ناحيته. وقال مجاهد : على حدته وطبيعته. وقال قتادة : على نيته. وقال ابن زيد : دينه, وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى وهذه الاية ـ والله أعلم ـ تهديد للمشركين ووعيد لهم, كقوله تعالى: "وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم" الاية, ولهذا قال: "قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً" أي منا ومنكم, وسيجزي كل عامل بعمله فإنه لا يخفى عليه خافية.
84- "قل كل يعمل على شاكلته" الشاكلة قال الفراء: الطريقة، وقيل الناحية، وقيل الطبيعة، وقيل الدين، وقيل النية، وقيل الجبلة، وهي مأخوذة من الشكل، يقال لست على شكلي ولا على شاكلتي والشكل: هو المثل والنظير. والمعنى: أن كل إنسان يعمل على ما يشاكل أخلاقه التي ألفها، وهذا ذم للكافر ومدح للمؤمن "فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً" لأنه الخالق لكم العالم بما جبلتم عليه من الطبائع وما تباينتم فيه من الطرائق، فهو الذي يميز بين المؤمن الذي لا يعرض عند النعمة ولا ييأس عند المحنة، وبين الكافر الذي شأنه البطر للنعم والقنوط عند النقم.
84 - قوله عز وجل : " قل كل يعمل على شاكلته " ، قال ابن عباس : على ناحيته .
وقال الحسن و قتادة : على نيته .
قال مقاتل : على خليقته
قال الفراء على طريقته التي جبل عليها .
وقال القتيبي : على طبيعته وجبلته .
وقيل : على السبيل الذي اختاره لنفسه ، وهو من الشكل ، يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي ، وكلها متقاربة ، تقول العرب : طريق ذو شواكل إذا تشعبت منه الطرق . ومجاز الآية : كل يعمل على ما يشبهه ، كما يقال في المثل : كل امرئ يشبهه فعله .
" فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً " أوضح طريقا ً .
84."قل كل يعمل على شاكلته"قل كل أحد يعمل على طريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة ، أو جوهر روحه وأحواله التابعة لمزاج بدنه. "فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً"أسد طريقاً وأبين منهجاً ، وقد فسرت الشاكلة بالطبيعة والعادة والدين.
84. Say: Each one doth according to his rule of conduct, and thy Lord is best aware of him whose way is right.
84 - Say: everyone acts according to his own disposition: but your Lord knows best who it is that is best guided on the way.