85 - (قالوا تالله) لا (تفتأ) تزال (تذكر يوسف حتى تكون حرضاً) مشرفاً على الهلاك لطول مرضك وهو مصدر يستوي فيه الواحد وغيره (أو تكون من الهالكين) الموتى
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : قال ولد يعقوب ـ الذين انصرفوا إليه من مصر له ، حين قال : "يا أسفى على يوسف" ـ تالله لا تزال تذكر يوسف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "تفتأ" ، تفتر من حبه .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "تفتأ" ، تفتر من حبه .
قال أبو جعفر : هكذا قال الحسن في حديثه ، وهو غلط ، إنما هو : تفتر من حبه ، تزال تذكر يوسف .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ،عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف" ، قال : لا تفتر من حبه .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "تفتأ" ، تفتر من حبه .
قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "تالله تفتأ تذكر يوسف" ، قال : لا تزال تذكر يوسف .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قالوا : "تالله تفتأ تذكر يوسف" ، قال : لا تزال تذكر يوسف . قال : لا تفتر من حبه .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "تفتأ تذكر يوسف" ، قال : لا تزال تذكر يوسف .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ،عن معمر ، عن قتادة : "تفتأ تذكر يوسف" ، قال : لا تزال تذكر يوسف .
يقال منه : ما فتئت أقول ذاك و ما فتأت لغة ، أفتىء وأفتأ فتأ وفتوءاً . وحكي أيضاً : ما أفتأت به ، ومنه قول أوس بن حجر :
فما فتئت حتى كأن غبارها سرادق يوم ذي رياح ترفع
وقوله الآخر :
فما فتئت خيل تثوب وتدعي ويلحق منها لاحق وتقطع
بمعنى : فما زالت .
وحذفت لا من قوله : تفتأ وهي مرادة في الكلام ، لأن اليمين إذا كان ما بعدها خبراً لم يصحبها الجحد ، ولم تسقط اللام التي يجاب بها الأيمان ، وذلك كقول القائل : والله لآتينك ، وإذا كان ما بعدها مجحوداً ، تلقيت بـ ما أو بـ لا . فلما عرف موقعها حذفت من الكلام ، لمعرفة السامع بمعنى الكلام ، ومنه قول امرىء القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
فحذفت لا ، من قوله : أبرح قاعدا لما ذكرت من العلة ، كما قال الآخر :
فلا وأبي دهماء زالت عزيزة على قومها ما فتل الزند قادح
يريد : لا زالت .
وقوله : "حتى تكون حرضا" ، يقول : حتى تكون دنف الجسم مخبول العقل .
وأصل الحرض ، الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو العشق ، ومنه قول العرجي :
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت ، وحتى شفني السقم
يعني بقوله : فأحرضني ، أذابني فتركني محرضاً . يقال منه : رجل حرض ، وامرأة حرض ، وقوم حرض ، ورجلان حرض ، على صورة واحدة للمذكر والمؤنث ، وفي التثنية والجمع . ومن العرب من يقول للذكر حارض ، وللأنثى حارضة . فإذا وصف بهذا اللفظ ثني وجمع ، وذكر وأنث . ووحد حرض بكل حال ولم يدخله التأنيث ، لأنه مصدر ، فإذا أخرج على فاعل على تقدير الأسماء ، لزمه ما يلزم الأسماء من التثنية والجمع والتذكير والتأنيث .
وذكر بعضهم سماعاً: رجل محرض ، إذا كان وجعاً ، وأنشد في ذلك بيتاً :
طلبته الخيل يوما كاملا ولو الفته لأضحى محرضا
وذكر أن منه قول امرىء القيس :
أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضا كإحراض بكر في الديار مريض
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "حتى تكون حرضا" ، يعني الجهد في المرض ، البالي .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن ابي نجيح ،عن مجاهد : "حتى تكون حرضا" ، قال : دون الموت .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : "حتى تكون حرضا" ، قال : الحرض ، ما دون الموت .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثني أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "حتى تكون حرضا" ، حتى تبلى أو تهرم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "حتى تكون حرضا" ، قال : هرماً .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن : "حتى تكون حرضا" قال : هرماً .
قال ، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : الحرض ، الشيء البالي .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "حتى تكون حرضا" ، قال : الحرض ، الشيء البالي الفاني .
قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي معاذ ، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك : "حتى تكون حرضا" ، الحرض ، البالي .
حدثت الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك يقول في قوله : "حتى تكون حرضا" ، هو البالي المدبر .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : "حتى تكون حرضا" ، بالياً .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : لما ذكر يعقوب يوسف قالوا ـ يعني ولده حضروه في ذلك الوقت ، جهلاً وظلماً ـ : "تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا" ، أي : تكون فاسداً لا عقل لك ، "أو تكون من الهالكين" .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين" ، قال : الحرض ، الذي قد رد إلى أرذل العمر حتى لا يعقل ، أو يهلك ، فيكون هالكاً قبل ذلك .
وقوله : "أو تكون من الهالكين" ، يقول : أو تكون ممن هلك بالموت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : "أو تكون من الهالكين" ، قال : الموت .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد : "أو تكون من الهالكين" ، من الميتين .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، "أو تكون من الهالكين" ، قال : الميتين .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "أو تكون من الهالكين" ، قال : أو تموت .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "أو تكون من الهالكين" ، قال : من الميتين .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال ، عن أسباط ، عن السدي : "أو تكون من الهالكين" ، قال : الميتين .
قوله تعالى: " قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف " أي قال له ولده: ( تالله تفتأ تذكر يوسف) قال الكسائي : فتأت وفتئت أفعل ذلك أي ما زلت. وزعم الفراء أن ( لا) مضمرة، أي لا تفتأ، وأنشد:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي لا أبرح، قال النحاس : والذي قال حسن صحيح. وزعم الخليل و سيبويه أن ( لا) تضمر في القسم، لأنه ليس فيه إشكال، ولو كان واجباً لكان باللام والنون، وإنما قالوا له ذلك لأنهم علموا باليقين أنه يداوم على ذلك، يقال: ما زال يفعل كذا، وما فتىء وفتأ فهما لغتان، ولا يستعملان إلا مع الجحد قال الشاعر:
فما فتئت حتى كأن غبارها سرادق يوم ذي رياح ترفع
أي ما برحت فتفتأ تبرح. وقال ابن عباس: تزال. " حتى تكون حرضا " أي تالفاً. وقال ابن عباس ومجاهد: دنفا من المرض، وهو ما دون الموت، قال الشاعر:
سرى همي فأمرضني وقدماً زادني مرضاً
كذاك الحب قبل اليو م مما يورث الحرضا
وقال قتادة: هرماً. الضحاك : بالياً داثراً. محمد بن إسحق: فاسداً لا عقل لك. الفراء: الحارض الفاسد الجسم والعقل، وكذا الحرض. ابن زيد: الحرض الذي قد ورد إلى أرذل العمر. الربيع بن أنس: يابس الجلد على العظم. المؤرخ: ذائباً من الهم. وقال الأخفش : ذاهباً. ابن الأنباري: هالكاً، وكلها متقاربة. وأصل الحرض الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم، عن أبي عبيدة وغيره، وقال العرجي :
أني أمرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم
قال النحاس : يقال حرض حرضاً وحرض حروضاً وحروضة إذا بلي وسقم، ورجل حارض وحرض، إلا أن حرضاً لا يثنى ولا يجمع، ومثله قمن وحري لا يثنيان ولا يجمعان. الثعلبي : ومن العرب من يقول حارض للمذكر، والمؤنثة حارضة، فإذا وصف بهذا اللفظ ثني وجمع وأنث. ويقال: حرض يحرض حراضةً فهو حريض وحرض. ويقال: رجل محرض، وينشد:
طلبته الخيل يوماً كاملاً ولو ألفته لأضحى محرضا
وقال امرؤ القيس:
أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضاً كإحراض بكر في الديار مريض
قال النحاس : وحكى أهل اللغة أحرضه الهم إذا أسقمه، ورجل حارض أي أحمق. وقرأ أنس: ( حرضاً) بضم الحاء وسكون الراء، أي مثل عود الأشنان. وقرأ الحسن بضم الحاء والراء. قال الجوهري : الحرض والحرض الأشنان. " أو تكون من الهالكين " أي الميتين، وهو قول الجميع، وغرضهم منع يعقوب من البكاء والحزن شفقةً عليه، وإن كانوا السبب في ذلك.
قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " قال محمد بن إسحاق: لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما جرى, اتهمهم فظن أنها كفعلتهم بيوسف, قال: "بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل" وقال بعض الناس: لما كان صنيعهم هذا مرتباً على فعلهم الأول, سحب حكم الأول عليه, وصح قوله: " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " ثم ترجى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة: يوسف وأخاه بنيامين وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه, إما أن يرضى عنه أبوه, فيأمره بالرجوع إليه, وإما أن يأخذ أخاه خفية, ولهذا قال: "عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنه هو العليم" أي العليم بحالي, "الحكيم" في أفعاله وقضائه وقدره, " وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف " أي أعرض عن بنيه, وقال متذكراً حزن يوسف القديم الأول " يا أسفى على يوسف " جدد له حزن الابنين الحزن الدفين, قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري عن سفيان العصفري, عن سعيد بن جبير أنه قال: لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع, ألا تسمعون إلى قول يعقوب عليه السلام " يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم " أي ساكت لا يشكو أمره إلى مخلوق, قاله قتادة وغيره. وقال الضحاك: فهو كظيم كئيب حزين.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي. حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن, عن الأحنف بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن داود عليه السلام قال: يا رب إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب, فاجعلني لهم رابعاً, فأوحى الله تعالى إليه: أن يا داود إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر, وتلك بلية لم تنلك, وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببي فصبر, وتلك بلية لم تنلك, وإن يعقوب أخذت منه حبيبه فابيضت عيناه من الحزن فصبر, وتلك بلية لم تنلك". وهذا مرسل وفيه نكارة, فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح, ولكن علي بن زيد بن جدعان له, مناكير وغرائب كثيرة, والله أعلم, وأقرب ما في هذا أن الأحنف بن قيس رحمه الله حكاه عن بعض بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما, والله أعلم, فإن بني إسرائيل ينقلون أن يعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له في رد ابنه, ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء, فإبراهيم ابتلي بالنار, وإسحاق بالذبح, ويعقوب بفراق يوسف, في حديث طويل لا يصح, والله أعلم, فعند ذلك رق له بنوه, وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه: " تالله تفتأ تذكر يوسف " أي لا تفارق تذكر يوسف "حتى تكون حرضاً" أي ضعيف القوة "أو تكون من الهالكين" يقولون إن استمر بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتلف "قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله" أي أجابهم عما قالوا بقوله: "إنما أشكو بثي وحزني" أي همي وما أنا فيه "إلى الله" وحده, "وأعلم من الله ما لا تعلمون" أي أرجو منه كل خير, وعن ابن عباس "وأعلم من الله ما لا تعلمون" يعني رؤيا يوسف أنها صدق, وأن الله لا بد أن يظهرها, وقال العوفي عنه في الاية: أعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني سوف أسجد له.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة, حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن أبي الزبير, عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان ليعقوب النبي عليه السلام أخ مؤاخ له, فقال له ذات يوم: ما الذي أذهب بصرك, وقوس ظهرك ؟ قال: أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف, وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين, فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك: أما تستحي أن تشكوني إلى غيري ؟ فقال يعقوب: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله, فقال جبريل عليه السلام: الله أعلم بما تشكو" وهذا حديث غريب فيه نكارة.
وقال أكثر أهل اللغة: هما لغتان بمعنى 85- " قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف " أي لا تفتؤ، فحذف حرف النفي لعدم اللبس. قال الكسائي: فتأت وفتئت أفعل كذا: أي ما زالت، وقال الفراء:إن لا مضمرة: أي لا تفتأ.قال النحاس: والذي قال صحيح. وقد روي عن الخليل وسيبويه مثل قول الفراء، وأنشد الفراء محتجاً على ما قاله:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
ويقال فتىء وفتأ لغتان، ومنه قول الشاعر:
فما فتئت حتى كأن غبارها سرادق يوم ذي رياح ترفع
"حتى تكون حرضاً" الحرض مصدر يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والصفة المشبهة، حرض بكسر الراء كدنف ودنف، وأصل الحرض: الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم، حكي ذلك عن أبي عبيدة وغيره، ومنه قول الشاعر:
سرى همي فأمرضني وقد ما زادني مرضا
كذاك الحب قبل اليو م مما يورث الحرضا
وقيل الحرض: ما دون الموت، وقيل الهرم، وقيل الحارض: البالي الدائر. وقال الفراء: الحارض: الفاسد الجسم والعقل، وكذا الحرض. وقال مؤرج: هو الذائب من الهم، ويدل عليه قول الشاعر:
إني امرؤلج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم
ويقال رجل محرض، ومنه قول الشاعر:
طلبته الخيل يوماً كاملاً ولو ألفته لأضحى محرضاً
قال النحاس: وحكى أهل اللغة أحرضه الهم: إذا أسقمه، ورجل حارض: أي أحمق. وقال الأخفش: الحارض الذاهب. وقال ابن الأنباري: هو الهالك. والأولى تفسير الحرض هنا بغير الموت والهلاك من هذه المعاني المذكورة حتى يكون لقوله "أو تكون من الهالكين" معنى غير معنى الحرض، فالتأسيس أولى من التأكيد، ومعنى من الهالكين: من الميتين، وغرضهم منع يعقوب من البكاء والحزن شفقة عليه وإن كانوا هم سبب أحزانه ومنشأ همومه وغمومه.
85-"قالوا"، يعني: أولاد يعقوب، " تالله تفتأ تذكر يوسف "، أي: لا تزال تذكر يوسف، لا تفتر من حبه، و"لا" محذوفة من قوله " تفتأ " يقال: ما فتئ بفعل كذا أي: ما زال، كقول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قائما ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي: لا أبرح.
"حتى تكون حرضاً"، قال ابن عباس: دفنا.
وقال مجاهد: الحرض ما دون الموت، يعني: قريبا من الموت.
وقال ابن إسحاق: فاسدا لا عقل لك.
والحرض: الذي فسد جسمه وعقله. وقيل: ذائبا من الهم.
ومعنى الآية: حتى تكون دنف الجسم مخبول العقل.
وأصل الحرض: الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو الهرم، أو العشق، يقال: رجل حرض وامرأة حرض، ورجلان وامرأتان حرض، ورجال ونساء كذلك، يستوي فيه الواحد والإثنان والجمع والمذكر والمؤنث، لأنه مصدر وضع موضع الاسم. "أو تكون من الهالكين"، أي: من الميتين.
85." قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف "أي لا تفتأ ولا تزال تذكره تفجعاً عليه فحذف لا كما في قوله:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا
لأنه لا يلتبس بالإثبات ، فإن القسم إذا لم يكن معه علامات الإثبات كان على النفي . "حتى تكون حرضاً" مريضاً مشفياً على الهلاك . وقيل الحرض الذي أذابه هم أو مرض ، وهو في الأصل مصدر ولذلك لا يؤنث ولا يجمع والنعت بالكسر كدنف ودنف . وقد قرئ به وبضمتين كجنب."أو تكون من الهالكين"من الميتين.
85. They said: By Allah, thou wilt never cease remembering Joseph till thy health is ruined or thou art of those who perish!
85 - They said: by God (never) wilt thou cease to remember Joseph until thou reach the last extremity of illness, or until thou die