9 - (ثم سواه) خلق آدم (ونفخ فيه من روحه) جعله حيا حساسا بعد أن كان جمادا (وجعل لكم) لذريته (السمع والأبصار والأفئدة) القلوب (قليلا ما تشكرون) ما زائدة مؤكدة للقلة
يقول تعالى ذكره: ثم سوى الإنسان الذي بدأ خلقه من طين خلقاً سوياً معتدلاً، ونفخ فيه من روحه فصار حياً ناطقاً " وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " يقول: وأنعم عليكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات، والأبصار تبصرون بها الأشخاص، والأفئدة تعقلون بها الخير من السوء، لتشكروه على ما وهب لكم من ذلك. وقوله " قليلا ما تشكرون " يقول: وأنتم تشكرون قليلاً من الشكر ربكم على ما أنعم عليكم.
"ثم سواه" رجع إلى آدم، أي سوى خلقه. "ونفخ فيه من روحه" ثم رجع إلى ذريته فقال: "وجعل لكم السمع والأبصار". وقيل: ثم جعل ذلك الماء المهين خلقاً معتدلاً، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفاً. وأيضاً فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله: عبدي. وعبر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح. وقد مضى هذا مبيناً في النساء وغيرها. "قليلا ما تشكرون" أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون.
يقول تعالى مخبراً أنه الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها. وقال مالك عن زيد بن أسلم "الذي أحسن كل شيء خلقه" قال: أحسن خلق كل شيء كأنه جعله من المقدم والمؤخر, ثم لما ذكر تعالى خلق السموات والأرض, شرع في ذكر خلق الإنسان, فقال تعالى: "وبدأ خلق الإنسان من طين" يعني خلق أبا البشر آدم من طين "ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين" أي يتناسلون كذلك من نطفة من بين صلب الرجل وترائب المرأة "ثم سواه" يعني آدم لما خلقه من تراب, خلقاً سوياً مستقيماً "ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" يعني العقول "قليلاً ما تشكرون" أي بهذه القوى التي رزقكموها الله عز وجل, فالسعيد من استعملها في طاعة ربه عز وجل.
9- "ثم سواه" أي الإنسان الذي بدأ خلقه من طين، وهو آدم، أو جميع النوع، والمراد أنه عدل خلقه وسوى شكله وناسب بين أعضائه "ونفخ فيه من روحه" الإضافة للتشريف والتكريم، وهذه الإضافة تقوي أن الكلام في آدم لا في ذريته وإن أمكن توجيهه بالنسبة إلى الجميع. ثم خاطب جميع النوع فقال: "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" أي خلق لكم هذه الأشياء تكميلاً لنعمته عليكم وتتميماً لتسويته لخلقكم حتى تجتمع لكم النعم، فتسمعون كل مسموع وتبصرون كل مبصر، وتتعقلون كل متعقل، وتفهمون كل ما يفهم، وأفرد السمع لكونه مصدراً يشمل القليل والكثير، وخص السمع بذكر المصدر دون البصر والفؤاد فذكرهما بالاسم ولهذا جمعا، لأن السمع قوة واحدة ولها محل واحد وهو الأذن ولا اختيار لها فيه، فإن الصوت يصل إليها ولا تقدر على رده، ولا على تخصيص السمع ببعض المسموعات دون بعض، بخلاف الأبصار فمحلها العين وله فيه اختيار، فإنها تتحرك إلى جانب المرئي دون غيره، وتطبق أجفانها إذا لم ترد الرؤية لشيء، وكذلك الفؤاد له نوع اختيار في إدراكه، فيتعقل هذا دون هذا، ويفهم هذا دون هذا. قرأ الجمهور وبدأ بالهمز، والزهري بألف خالصة بدون همز، وانتصاب "قليلاً ما تشكرون" على أنه صفى مصدر محذوف: أي شكراً قليلاً، أو صفة زمان محذوف: أي زماناً قليلاً. وفي هذا بيان لكفرهم لنعم الله وتركهم لشكرها إلا فيما ندر من الأحوال.
9- "ثم سواه"، ثم سوى خلقه، "ونفخ فيه من روحه"، ثم عاد إلى ذريته، فقال: "وجعل لكم"، بعد أن كنتم نطفاً، "السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون"، يعني: لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه.
9ـ " ثم سواه " قومه بتصوير أعضائه على ما ينبغي . " ونفخ فيه من روحه " إضافة إلى نفسه تشريفاً له وإشعاراً بأنه خلق عجيب ، وأن له شأناً له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله قيل من عرف نفيه فقد عرف ربه . " وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة " خصوصاً لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا . " قليلاً ما تشكرون " تشكرون شكراً قليلاً .
9. Then He fashioned him and breathed into him of His spirit; and appointed for you hearing and sight and hearts. Small thanks give ye!
9 - But He fashioned him in due proportion, and breathed into him something of His spirit. And He gave you (the faculties of) hearing and sight and feeling (and understanding): little thanks do ye give.