90 - (كما أنزلنا) العذاب (على المقتسمين) اليهود والنصارى
قوله تعالى : "كما أنزلنا على المقتسمين" .
وقيل: الكاف زائدة، أي أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين، كقوله: " ليس كمثله شيء " ( الشورى: 11). وقيل: أنذرتكم مثل ما أنزلنا بالمقتسمين. وقيل: المعنى كما أنزلنا على المقتسمين، أي من العذاب وكفيناك المستهزئين، فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين الذي بغوا، فإنا كفيناك أولئك الرؤساء الذين كنت تلقى منهم ما تلقى.
واختلف في ( المقتسمين) على أقوال سبعة: الأول: قال مقاتل والفراء: هم ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها وفجاجها يقولون لمن سلكها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة، فإنه مجنون، وربما قالوا ساحر، وربما قالوا شاعر، وربما قالوا كاهن. وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق، فأماتهم الله شر ميتة، وكانوا نصبوا الوليد بن المغيرة حكماً على باب المسجد، فإذا سألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدق أولئك. الثاني: قال قتادة: هم قوم من كفار قريش اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعراً، وبعضه سحراً، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير الأولين. الثالث: قال ابن عباس: هم أهل الكتاب آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وكذلك قال عكرمة: هم أهل الكتاب، وسموا مقتسمين لأنهم كانوا مستهزئين، فيقول بعضهم: هذه السورة لي وهذه السورة لك. وهو القول الرابع. الخامس: قال قتادة: قسموا كتابهم ففرقوه وبددوه وحرفوه. السادس: قال زيد بن أسلم: المراد قوم صالح، تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين، كما قال تعالى: " تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله " ( النمل: 49).
السابع: قال الاخفش : هم قوم اقتسوا أيماناً تحالفوا عليها. وقيل: إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج، ذكره الماوردي .
يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: "إني أنا النذير المبين" البين النذارة, نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها, وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام. وقوله: "المقتسمين" أي المتحالفين, أي تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم, كقوله تعالى إخباراً عن قوم صالح إنهم "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله" الاية, أي نقتلهم ليلاً, قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت" "أولم تكونوا أقسمتم من قبل" الاية "أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة" فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء من الدنيا إلا أقسموا عليه فسموا مقتسمين, قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: المقتسمون أصحاب صالح الذين تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله. وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني, وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء, فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا, وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم, فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم, فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق" .
وقوله: "الذين جعلوا القرآن عضين" أي جزءوا كتبهم المنزلة عليهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض. قال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم, حدثنا هشيم, أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "جعلوا القرآن عضين" قال: هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان, عن ابن عباس "جعلوا القرآن عضين" قال: هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان, عن ابن عباس قال: "جعلوا القرآن عضين" قال هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه, حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال "كما أنزلنا على المقتسمين" قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى. قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد والحسن والضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم نحو ذلك, وقال الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس "جعلوا القرآن عضين" قال: السحر, وقال عكرمة: العضه السحر بلسان قريش تقول للساحرة إنها العاضهة, وقال مجاهد: عضوه أعضاء, قالوا سحر, وقالوا كهانة, وقالوا أساطير الأولين, وقال عطاء: قال بعضهم ساحر, وقالوا مجنون, وقال كاهن, فذلك العضين, وكذا روي عن الضحاك وغيره.
وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش, وكان ذا شرف فيهم, وقد حضر الموسم فقال لهم: يا معشر قريش, إنه قد حضر هذا الموسم, وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا, فأجمعوا فيه رأياً واحداً, ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً, ويرد قولكم بعضه بعضاً, فقالوا: وأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به, قال: بل أنتم قولوا لأسمع, قالوا: نقول كاهن, قال: ما هو بكاهن, قالوا: فنقول مجنون, قال: ما هو بمجنون, قالوا: فنقول شاعر, قال: ما هو بشاعر, قالوا: فنقول ساحر, قال: ما هو بساحر, قالوا: فماذا نقول ؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة, فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل, وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر, فتفرقوا عنه بذلك, وأنزل الله فيهم "الذين جعلوا القرآن عضين" أصنافاً " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " أولئك النفر الذين قالوا لرسول لله .
وقال عطية العوفي عن ابن عمر في قوله: " لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " قال: عن لا إله إلا الله. وقال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري عن ليث هو ابن أبي سليم عن مجاهد في قوله تعالى: " لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " قال: عن لا إله إلا الله, وقد روى الترمذي وأبو يعلى الموصلي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي, عن ليث بن أبي سليم عن بشير بن نهيك, عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم "فوربك لنسألنهم أجمعين" قال: عن لا إله إلا الله, ورواه ابن إدريس عن ليث عن بشير عن أنس موقوفاً, وقال ابن جرير: حدثنا أحمد, حدثنا أبو أحمد, حدثنا شريك عن هلال عن عبد الله بن عكيم, قال: ورواه الترمذي وغيره من حديث أنس مرفوعاً, وقال عبد الله هو ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر, فيقول: ابن آدم ماذا غرك مني بي ؟ ابن آدم ماذا عملت فيما علمت ؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟
وقال أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله: " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " قال: يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون, وماذا أجابوا المرسلين, وقال ابن عيينة عن عملك وعن مالك. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أحمد بن أبي الحواري, حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة الشيباني عن معاذ بن جبل قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى كحل عينيه, وعن فتات الطينة بأصبعه, فلا ألفينك يوم القيامة واحد غيرك أسعد بما آتاك الله منك" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " ثم قال: "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان" قال: لا يسألهم هل عملتم كذا ؟ لأنه أعلم بذلك منهم, ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا ؟.
90- " كما أنزلنا على المقتسمين " قيل المفعول محذوف: أي مفعول أنزلنا، والتقدير: كما أنزلنا على المقتسمين عذاباً، فيكون المعنى: إني أنا النذير المبين لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين الذي أنزلناه عليهم كقوله تعالى: "أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود"، وقيل إن الكاف زائدة، والتقدير: إني أنا النذير المبين أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين من العذاب، وقيل هو متعلق بقوله: "ولقد آتيناك" أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون، والأولى أن يتعلق بقوله: "إني أنا النذير المبين" لأنه في قوة الأمر بالإنذار. وقد اختلف في المقتسمين من هم؟ فقال الفراء: هم ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم، فاقتسموا أنقاب مكة وفجاجها يقولون لمن دخلها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا فإنه مجنون، وربما قالوا ساحر وربما قالوا شاعر وربما قالوا كاهن، فقيل لهم مقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق، وقيل إنهم قوم من قريش اقتسموا كتاب الله، فجعلوا بعضه شعراً، وبعضه سحراً، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير الأولين. قاله قتادة، وقيل هم أهل الكتاب، وسموا مقتسمين لأنهم كانوا يقتسمون القرآن استهزاء، فيقول بعضهم هذه السورة لي وهذه لك، روي هذا عن ابن عباس. وقيل إنهم قسموا كتابهم وفرقوه وبددوه وحرفوه، وقيل المراد قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين كما قال تعالى: "تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله" وقيل تقاسموا أيماناً تحالفوا عليها، قاله الأخفش، وقيل إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج ذكره الماوردي.
90-"كما أنزلنا على المقتسمين" قال الفراء: مجازه: أنذرتكم عذابا كعذاب المقتسمين. حكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: هم اليهود والنصارى.
90."كما أنزلنا على المقتسمين"مثل العذاب الذي أنزلناه عليهم ،فهو وصف لمفعول النذير أقيم مقامه والمقتسمون هم الاثنا عشر الذين اقتسموا مداخل مكة أيام الموسم لينفروا الناس عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم فأهلكهم الله تعالى يوم بدر أو الرهط الذين اقتسموا على أن يبيتوا صالحاً عليه الصلاة والسلام وقيل هو صفة مصدر محذوف يدل عليه"ولقد آتيناك"فإنه بمعنى أنزلنا إليك ،والمقتسمون هم الذين جعلوا القرآن عضين حيث قالوا عناداً : بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما ، أو قسموه إلى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين ، أو أهل الكتاب آمنوا ببعض كتبهم وكفروا ببعض على أن القرآن ما يقرؤون من كتبهم ،فيكون ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله "لا تمدن عينيك"الـخ اعتراضاً ممداً لها.
90. Such as We send down for those who make division,
90 - (Of just such wrath) as we sent down on those who divided (scripture into arbitrary parts),