ونزل في اليهود (إن الذين كفروا) بعيسى (بعد إيمانهم) بموسى (ثم ازدادوا كفراً) بمحمد (لن تقبل توبتهم) إذا غرغروا أو ماتوا كفارا (وأولئك هم الضالون)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: عنى الله عز وجل بقوله : "إن الذين كفروا" ببعض أنبيائه الذين بعثوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم، "بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا" بكفرهم بمحمد، "لن تقبل توبتهم"، عند حضور الموت وحشرجته بنفسه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سنان قال ، حدثنا أبو بكر الحنفي قال ، حدثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون"، قال: اليهود والنصارى، لن تقبل توبتهم عند الموت.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا"، أولئك أعداء الله اليهود، كفروا بالإنجيل وبعيسى، ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "ثم ازدادوا كفرا"، قال: ازدادوا كفراً حتى حضرهم الموت، فلم تقبل توبتهم حين حضرهم الموت. قال معمر: وقال مثل ذلك عطاء الخراساني.
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه ، عن قتادة قوله : "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون"، وقال: هم اليهود، كفروا بالإنجيل ، ثم ازدادوا كفراً حين بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فأنكروه وكذبوا به.
وقال آخرون: معنى ذلك: إن الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد، بعد إيمانهم بأنبيائهم، "ثم ازدادوا كفرا"، يعني: ذنوباً، "لن تقبل توبتهم" من ذنوبهم ، وهم على الكفر مقيمون.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى قال ، حدثنا عبد الوهاب قال ، حدثنا داود، عن رفيع: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا"، ازدادوا ذنوباً وهم كفار، "لن تقبل توبتهم" من تلك الذنوب، ما كانوا على كفرهم وضلالتهم.
حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود قال : سألت أبا العالية قال ، قلت: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم"؟ قال : إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفراً بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم.
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال ، أخبرنا ابن أبي عدي ، عن داود قال: سألت أبا العالية عن: الذين آمنوا ثم كفروا، فذكر نحواً منه.
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود قال: سألت أبا العالية عن هذه الآية: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون"، قال: هم اليهود والنصارى والمجوس، أصابوا ذنوباً في كفرهم ، فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنه يقول: "وأولئك هم الضالون"؟
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا سفيان ، عن داود، عن أبي العالية في قوله: "لن تقبل توبتهم"، قال: تابوا من بعض، ولم يتوبوا من الأصل.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية قوله: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا"، قال: هم اليهود والنصارى، يصيبون الذنوب فيقولون: نتوب، وهم مشركون. قال الله عز وجل : لن تقبل التوبة في الضلالة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك : إن الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم ، "ثم ازدادوا كفرا"، يعني: بزيادتهم الكفر: تمامهم عليه ، حتى هلكوا وهم عليه مقيمون، "لن تقبل توبتهم"، لن تنفعهم توبتهم الأولى وإيمانهم ، لكفرهم الآخر وموتهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة قوله : "ثم ازدادوا كفرا"، قال: تموا على كفرهم ، قال ابن جريج: "لن تقبل توبتهم"، يقول: إيمانهم أول مرة لن ينفعهم.
وقال آخرون: معنى قوله : "ثم ازدادوا كفرا"، ماتوا كفاراً، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى "لن تقبل توبتهم"، لن تقبل توبتهم عند موتهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد قال ، حدثنا أحمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون"، أما "ازدادوا كفرا"، فماتوا وهم كفار. وأما "لن تقبل توبتهم" فعند موته، إذا تاب لم تقبل توبته.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل هذه الآية، قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله: إن الذين كفروا من اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم عند مبعثه، بعد إيمانهم به قبل مبعثه ، ثم ازدادوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويراجعوا التوبة منه بتصديقه بما جاء من عند الله.
وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصواب، لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها، إذ كانت في سياق واحد.
وإنما قلنا: معنى ازديادهم الكفر: ما أصابوا في كفرهم من المعاصي، لأنه جل ثناؤه قال: "لن تقبل توبتهم"، فكان معلوماً أن معنى قوله: "لن تقبل توبتهم"، إنما هو معني به: لن تقبل توبتهم مما ازدادوا من الكفر على كفرهم بعد إيمانهم، لا من كفرهم. لأن الله تعالى ذكره وعد أن يقبل التوبة من عباده فقال: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده" [الشورى: 25]، فمحال أن يقول عز وجل: أقبل و لا أقبل في شيء واحد. وإذ كان ذلك كذلك، وكان من حكم الله في عباده أنه قابل توبة كل تائب من كل ذنب، وكان الكفر بعد الإيمان أحد تلك الذنوب التي وعد قبول التوبة منها بقوله: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، علم أن المعنى الذي لا يقبل التوبة منه، غير المعنى الذي يقبل التوبة منه. وإذ كان ذلك كذلك، فالذي لا يقبل منه التوبة، هو الازدياد على الكفر بعد الكفر، لا يقبل الله توبة صاحبه ما أقام على كفره، لأن الله لا يقبل من مشرك عملاً ما أقام على شركه وضلاله . فأما إن تاب من شركه وكفره وأصلح، فإن الله -كما وصف به نفسه- غفور رحيم.
فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون معنى ذلك كما قال من قال: فلن تقبل توبته من كفره عند حضور أجله وتوبته الأولى؟
قيل: أنكرنا ذلك ، لأن التوبة من العبد غير كائنة إلا في حال حياته، فأما بعد مماته فلا توبة. وقد وعد الله عز وجل عباده قبول التوبة منهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم. ولا خلاف بين جميع الحجة في أن كافراً لو أسلم قبل خروج نفسه بطرفة عين، أن حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه، والموارثة، وسائر الأحكام غيرهما. فكان معلوماً بذلك أن توبته في تلك الحال لو كانت غير مقبولة، لم ينتقل حكمه من حكم الكفار إلى حكم أهل الإسلام، ولا منزلة بين الموت والحياة، يجوز أن يقال: لا يقبل الله فيها توبة الكافر، فإذ صح أنها في حال حياته مقبولة، ولا سبيل بعد الممات إليها، بطل قول الذي زعم أنها غير مقبولة عند حضور الأجل.
وأما قول من زعم أن معنى ذلك: التوبة التي كانت قبل الكفر، فقول لا معنى له. لأن الله عز وجل لم يصف القوم بإيمان كان منهم بعد كفر، ثم كفر بعد إيمان، بل إنما وصفهم بكفر بعد إيمان. فلم يتقدم ذلك الإيمان كفر كان للإيمان لهم توبة منه، فيكون تأويل ذلك على ما تأوله قائل ذلك. وتأويل القرآن على ما كان موجوداً في ظاهر التلاوة -إذا لم تكن حجة تدل على باطن خاص- أولى من غيره ، وإن أمكن توجيهه إلى غيره.
وأما قوله : "وأولئك هم الضالون"، فإنه يعني بذلك: وهؤلاء الذي كفروا بعد إيمانهم ، ثم ازدادوا كفراً، هم الذين ضلوا سبيل الحق فأخطأوا منهجه، وتركوا نصف السبيل وهدى الدين، حيرةً منهم، وعمىً عنه.
وقد بينا فيما مضى معنى الضلال بما فيه الكفاية.
قال قتادة و عطاء الخرساني و الحسن : نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . وقال أبو العالية : نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بنعته وصفته ، " ثم ازدادوا كفرا " بإقامتهم على كفرهم . وقيل : " ازدادوا كفرا " بالذنوب التي اكتسبوها . وهذا اختيار الطبري ، وهي عنده في اليهود . " لن تقبل توبتهم " مشكل لقوله : " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات " فقيل : المعنى لن تقبل توبتهم عند الموت . قال النحاس : وهذا قول حسن ، كما قال عز وجل : " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " . وروي عن الحسن وقتادة وعطاء . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " . وسيأتي في النساء بيان هذا المعنى . وقيل : " لن تقبل توبتهم " التي كانوا عليها قبل أن يكفروا ، لأن الكفر قد أحبطها . و قيل : لن تقبل توبتهم . إذا تابوا من كفرهم إلى كفر آخر ، و إنما تقبل توبتهم إذا تابوا إلى الإسلام . و قال قطرب . هذه الآية نزلت في قوم من أهل مكة قالوا : نتربص بمحمد ريب المنون ، فإن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا . فأنزل الله تعالى : إن الذين كفروا بعد إيمنهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم . أي لن تقبل توبتهم وهم مقيمون على الكفر ، فسماها توبة غ ير مقبولة ، ، لأنه لم يصح من القوم عزم ، و الله عز و جل يقبل التوبة كلها إذا صح العزم .
يقول تعالى متوعداً ومهدداً لمن كفر بعد إيمانه, ثم ازداد كفراً, أي استمر عليه إلى الممات, ومخبراً بأنهم لن تقبل لهم توبة عند الممات, كما قال تعالى: "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت" الاية, ولهذا قال ههنا "لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون" أي الخارجون عن المنهج الحق إلى طريق الغي, قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع , حدثنا يزيد بن زريع حدثنا داود بن أبي هند , عن عكرمة , عن ابن عباس , أن قوماً أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا, فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم, فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فنزلت هذه الاية: "إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم" وهكذا رواه, وإسناده جيد, ثم قال تعالى: "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به" أي من مات على الكفر فلن يقبل منه خير أبدا. ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهباً فيما يراه قربة, كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان وكان يقري الضيف ويفك العاني ويطعم الطعام: هل ينفعه ذلك ؟ فقال "لا, إنه لم يقل يوماً من الدهر: ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين" وكذلك لو افتدى بملء الأرض ذهباً ما قبل منه, كما قال تعالى: "ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة" وقال "لا بيع فيه ولا خلال", وقال "إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم". ولهذا قال تعالى ههنا: "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به" فعطف "ولو افتدى" به على الأول, فدل على أنه غيره, وما ذكرناه أحسن من أن يقال: أن الواو زائدة, والله أعلم, ويقتضي ذلك أن لا ينقذه من عذاب الله شيء ولو كان قد أنفق مثل الأرض ذهباً, ولو افتدى نفسه من الله بملء الأرض ذهباً, بوزن جبالها وتلالها وترابها ورمالها وسهلها ووعرها وبرها وبحرها, وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج , حدثني شعبة عن أبي عمران الجوني , عن أنس بن مالك , أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء, أكنت مفتدياً به ؟ قال: فيقول: نعم, فيقول الله: قد أردت منك أهون من ذلك, قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئاً, فأبيت إلا أن تشرك" وهكذا أخرجه البخاري ومسلم ,
(طريق أخرى) وقال الإمام أحمد : حدثنا روح , حدثنا حماد عن ثابت , عن أنس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول له: يا ابن آدم, كيف وجدت منزلك ؟ فيقول: أي رب خير منزل, فيقول: سل وتمن, فيقول: ما أسأل ولا أتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرار, لما يرى من فضل الشهادة, ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول له: يا ابن آدم, كيف وجدت منزلك ؟ فيقول: يا رب شر منزل, فيقول له: تفتدى مني بطلاع الأرض ذهباً ؟ فيقول: أي رب نعم, فيقول: كذبت, قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل, فيرد إلى النار", ولهذا قال " أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين " أي وما لهم من أحد ينقذهم من عذاب الله ولا يجيرهم من أليم عقابه.
قوله 90- "ثم ازدادوا كفراً". قال قتادة وعطاء الخراساني والحسن: نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بنعته وصفته "ثم ازدادوا كفراً" بإقامتهم على كفرهم، وقيل: ازدادوا كفراً بالذنوب التي اكتسبوها، ورجحه ابن جرير الطبري وجعلها في اليهود خاصة. وقد استشكل جماعة من المفسرين قوله تعالى "لن تقبل توبتهم" مع كون التوبة مقبولة كما في الآية الأولى، وكما في قوله تعالى "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده" وغير ذلك، فقيل: المعنى لن تقبل توبتهم عند الموت. قال النحاس: وهذا قول حسن كما قال تعالى "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن" وبه قال الحسن وقتادة وعطاء ومنه الحديث "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"، وقيل: المعنى لن تقبل توبتهم التي كانوا عليها قبل أن يكفروا، لأن الكفر أحبط، وقيل لن تقبل توبتهم إذا تابوا من كفرهم إلى كفر آخر، والأولى أن يحمل عدم قبولهم التوبة في هذه الآية على من مات كافراً غير تائب فكأنه عبر عن الموت على الكفر بعدم قبول التوبة، وتكون الآية المذكورة بعد هذه الآية.
90-قوله عز وجل:" إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا" قال قتادة والحسن: نزلت في اليهود كفروا بعيسى عليه السلام والإنجيل بعد إيمانهم بأنبيائهم، ثم ازدادوا كفراً بكفرهم محمد صلى الله عليه وسلموالقرآن.
وقال أبو العالية : نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم لما رأوه بعد إقرارهم بان الله خالقهم ، ثم ازدادوا كفراً أي : أقاموا على كفرهم حتى هلكوا عليه.
قال الحسن : ازدادوا كفراً كلما نزلت آية كفروا بها ، فازدادوا كفراً وقيل : إزدادوا كفراً بقولهم : نتربص بمحمد ريب المنون.
قال الكلبي : نزلت في الأحد عشر من أصحاب الحارث بن سويد ، لما رجع الحارث إلى الإسلام أقاموا هم على الكفر بمكة وقالوا: نقيم على الكفر ما بدا لنا فمتى أردنا الرجعة ينزل فينا مانزل في الحارث ، فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فمن دخل منهم في الإسلام قبلت توبته ، ونزل فيمن مات منهم كافراً
90" إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا " كاليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد الإيمان بموسى والتوراة، ثم ازدادوا كفراً بمحمد والقرآن، أو كفروا بمحمد بعدما آمنوا به قبل مبعثه ثم ازدادوا كفراً بالإصرار والعناد والطعن فيه والصد عن الإيمان ونقض الميثاق، أو كقوم ارتدوا ولحقوا بمكة ثم ازدادوا كفراً بقولهم نتربص بمحمد ريب المنون أو نرجع إليه وننافقه بإظهاره. " لن تقبل توبتهم " لأنهم لا يتوبون، أو لا يتوبون إلا إذا أشرفوا على الهلاك فكني عن عدم توبتهم بعدم قبولها تغليظاً في شأنهم وإبرازا لحالهم في صورة حال اللآيسين من الرحمة، أو لأن، توبتهم لا تكون إلا نفاقاً لارتدادهم وزيادة كفرهم، ولذلك لم تدخل الفاء فيه. " وأولئك هم الضالون " الثابتون على الضلال.
90. Lo! those who disbelieve after their (profession of) belief, and afterward grow violent in disbelief: their repentance will not be accepted. And such are those who are astray.
90 - But those who reject faith after they accepted it, and then go on adding to their defiance of faith, never will their repentance be accepted; for they are those who have (of set purpose) gone astray.