(ولتجِدَنَّهم) لام قسم (أحرص الناس على حياة و) أحرص (من الذين أشركوا) المنكرين للبعث عليها لعلمهم بأن مصيرهم النار دون المشركين لإنكارهم له (يود) يتمنى (أحدهم لو يعمر ألف سنة) لو مصدرية بمعنى أن وهي بصلتها في تأويل مصدر مفعول يود (وما هو) أي أحدهم (بمزحزحه) مبعده (من العذاب) النار (أن يعمر) فاعل مزحزحه أي تعميره (والله بصير بما يعملون) بالياء والتاء فيجازيهم . وسأل ابن صوريا النبيَّ أو عمرَ عمَّن يأتي بالوحي من الملائكة فقال جبريل فقال هو عدونا يأتي بالعذاب ولو كان ميكائيل لآمنا لأنه يأتي بالخصب والسلم فنزل :
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" اليهود.
يقول: يا محمد، لتجدن أشد الناس حرصًا على الحياة في الدنيا، وأشدهم كراهة للموت، اليهود. كما: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحق، عن محمد بن
أبي محمد فيما يروي أبو جعفر عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" يعني اليهود.
حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، حدثنا الربيع، عن أبي العالية: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة"، يعني اليهود.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
وإنما كراهتهم الموت، لعلمهم بما لهم في الأخرة من الخزي والهوان الطويل.
القول في تأويل قوله: " ومن الذين أشركوا".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "ومن الذين أشركوا"، وأحرص من الذين أشركوا على الحياة، كما يقال: هو أشجع الناس ومن عنترة بمعنى: هو أشجع من الناس ومن عنترة. فكذلك قوله: "ومن الذين أشركوا". لأن معنى الكلام: ولتجدن يا محمد اليهود من بني إسرائيل، أحرص أمن، الناس على حياة ومن الذين أشركوا. فلما أضيف "أحرص " إلى "الناس" وفيه تأويل من، أظهرت بعد حرف العطف، رداً على التأويل الذي ذكرنا.
وإنما وصف الله جل ثناؤه اليهود بأنهم أحرص الناس على الحياة، لعلمهم بما قد أعد لهم في الآخرة على كفرهم بما لا يقر به أهل الشرك، فهم للموت أكره من أهل الشرك الذين لا يؤمنون بالبعث، لأنهم يؤمنون بالبعث ويعلمون ما لهم هنالك من العذاب. والمشركون لا يصدقون بالبعث ولا العقاب، فاليهود أحرص منهم على الحياة وأكره للموت.
وقيل: إن الذين أشركوا الذين أخبر الله تعالى ذكره أن اليهود أحرص منهم في هذه الآية على الحياة هم المجوس الذين لا يصدقون بالبعث. ذكر من قال: هم المجوس: حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية "ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، يعني المجوس.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، قال: المجوس.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "ومن الذين أشركوا"، قال: يهود، أحرص من هؤلاء على الحياة.
ذكر من قال: هم الذين ينكرون البعث: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحق قال، حدثني محمد بن
أبي محمد فيما يروي أبو جعفر عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا"، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثاً بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الاخرة من الخزي، بما ضيع مما عنده من العلم.
القول في تأويل قوله تعالى: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة".
قال أبو جعفر: هذا خبر من الله جل ثناؤه عن الذين أشركوا الذين أخبر أن اليهود أحرص منهم على الحياة. يقول جل ثناؤه: يود أحد هؤلاء الذين أشركوا الآيس، بفناء دنياه وانقضاء أيام حياته، أن يكون له بعد ذلك نشور أو محيا أو فرح أو سرور "لو يعمر ألف سنة"، حتى جعل بعضهم تحية بعض: عشرة آلاف عام ، حرصًا منهم على الحياة، كما: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال، سمعت أبي عليا، أخبرنا أبوحمزة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، قال: هو قول الأعاجم: سال زه نوروز مهرجان حر.
وحدثت عن نعيم النحوي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، قال: هو قول أهل الشرك بعضهم لبعض إذا عطس: زه هزار سال .
حدثنا إبراهيم بن سعيد ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا -إسمعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن قتادة في قوله: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، قال: حببت إليهم الخطيئة طول العمر.
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثني علي بن معبد، عن ابن علية، عن ابن أبي نجيح في قوله: "يود أحدهم "، فذكر مثله.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" حتى بلغ "لو يعمر ألف سنة"، يهود، أحرص من هؤلاء على الحياة وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة.
وحدثت عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن سعيد، عن ابن عباس في قوله: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، قال: هو قول أحدهم إذا عطس زه هزار سال ، يقول: عشرة آلاف سنة.
القول في تأويل قوله تعالى: " وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، وما التعمير وهو طول البقاء بمزحزحه من عذاب الله.
وقوله "هو" عماد، لطلب "ما" الاسم أكثر من طلبها الفعل، كما قال الشاعر:
فهل هو مرفوع بما ههنا رأس
و "أن" التي في "أن يعمر" رفع، بـ مزحزحه ، و"هو" الذي مع "ما" تكرير، عماد للفعل، لاستقباح العرب النكرة قبل المعرفة.
وقد قال بعضهم: إن "هو" الذي مع "ما" كناية ذكر العمر. كأنه قال: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة"، وما ذلك العمر بمزحزحه من العذاب. وجعل "أن يعمر" مترجمًا عن "هو"، يريد ما هو بمزحزحه التعمير.
وقال بعضهم: قوله: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، نظير قولك: ما زيد بمزحزحه أن يعمر.
قال أبو جعفر: وأقرب هذه الأقوال عندنا إلى الصواب ما قلنا، وهو أن يكون "هو"عمادًا، نظير قولك ما هو قائم عمرو.
وقد قال قوم من أهل التأويل إن "أن " التي في قوله: "أن يعمر " بمعنى: وإن عمر. وذلك قول لمعاني كلام العرب المعروف مخالف. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، يقول: وإن عمر.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "أن يعمر" ولو عمر.
وأما تأويل قوله: "بمزحزحه "، فإنه بمبعده ومنحيه، كما قال الحطيئة:
وقالوا: تزحزح ما بنا فضل حاجة إليك، وما منا لوهيك راقع
يعني بقوله: تزحزح ، تباعد، يقال منه: زحزحه يزحزحه زحزحة وزحزاحاً، وهو عنك متزحزح ، أي: متباعد.
فتأويل الآية وما طول العمر بمبعده من عذاب الله، ولا منحيه منه، لأنه لا بد للعمر من الفناء، ومصيره إلى الله، كما: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحق قال، حدثني محمد بن أبي محمد فيما أروي عن سعيد بن جبير، أو عن عكرمة، عن ابن عباس: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، أي: ما هو بمنحيه من العذاب.
حدثنى المثنى، قال، حدثنى آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، يقول: وإن عمر، فما ذاك بمغيثه من العذاب ولا منجيه.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
حدثنى محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب "، فهم الذين عادوا جبريل عليه السلام.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر"، ويهود أحرص على الحياة من هؤلاء. وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة، وليس ذلك بمزحزحه من العذاب، لو عمر كما عمر إبليس لم ينفعه ذلك، إذ كان كافرًا، ولم يزحزحه ذلك من العذاب.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: " والله بصير بما يعملون".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "والله بصير بما يعملون"، والله ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، حتى يذيقهم بها العقاب جزاءها.
وأصل "بصير" مبصر من قول القائل: أبصرت فأنا مبصر، ولكن صرف إلى فعيل ، كما صرف مسمع إلى سميع ، و عذاب مؤلم إلى أليم ، ومبدع السموات إلى بديع ، وما أشبه ذلك.
قوله تعالى : "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" يعني اليهود . "ومن الذين أشركوا" قيل : المعنى وأحرص ، فحذف "ومن الذين أشركوا" لمعرفتهم بذنوبهم وألا خير لهم عند الله ، ومشركو العرب لا يعرفون إلا هذه الحياة ولا علم لهم من الآخرة ، ألا ترى قول شاعرهم :
تمتع من الدنيا فإنك فان من النشوات والنساء الحسان
والضمير في أحدهم يعود في هذا القول على اليهود . وقيل : إن الكلام تم في حياة ثم استؤنف الإخبار عن طائفة من المشركين . قيل : هم المجوس ، وذلك بين في أدعياتهم للعاطس بلغاتهم بما معناه ـ عش ألف سنة ـ وخص الألف بالذكر لأنها نهاية العقد في الحساب . وذهب الحسن إلى أن "الذين أشركوا" مشركو العرب ، خصوا بذلك لأنهم لا يؤمنون بالبعث ، فهم يتمنون طول العمر . وأصل سنة سنهة . وقيل : سنوة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى والتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة .
قوله تعالى : "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" أصل يود ، يودد أدغمت لئلا يجمع بين حرفين من جنس واحد متحركين ، وقلبت حركة الدال على الواو ، ليدل ذلك على أنه يفعل . وحكى الكسائي :وددت ، فيجوز على هذا يود بكسر الواو . ومعنى يود : يتمنى .
قوله تعالى : "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر" اختلف النحاة في هو ، فقيل : هو ضمير الأحد المتقدم ، التقدير ما أحدهم بمزحزحة ، وخبر الابتداء في المجرور . أن يعمر فاعل بمزحزح . وقالت فرقة : هو ضمير التعمير ، والتقدير وما التعمير بمزحزحة ، والخبر في المجرور ، أن يعمر بدل من التعمير على هذا القول . وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت : هو عماد .
قلت : وفيه بعد ، فإن حق العماد أن يكون بين شيئين متلازمين ، مث قوله "إن كان هذا هو الحق" ، وقوله : "ولكن كانوا هم الظالمين" ونحو ذلك . وقيل : ما عاملة حجازية ، و هو اسمها ، والخبر في بمزحزحه . وقالت طائفة : هو ضمير الأمر والشأن . ابن عطية : وفيه بعد ، فإن المحفوظ عن النحاة أن يفسر بجملة سالمة من حرف جر . وقوله : "بمزحزحه" الزحزحة : الإبعاد والتنحية ، يقال : زحزحته أي باعدته فتزحزح أي تنحى وتباعد ، يكون لآزماً ومتعدياً ، قال الشاعر في المعتدي :
يا قابض الروح من نفس إذا احتضرت وغافر الذنب زحزحني عن النار
وأنشد ذو الرمة :
يا قابض الروح عن جسم عصى زمنا وغافر الذنب زحزحني عن النار
وقال آخر في اللازم :
خليلي ما بال الدجى لا يتزحزح وما بال ضوء الصبح لا يتوضح
وروى النسائي عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار سبعين خريفا" .
قوله تعالى : "والله بصير بما يعملون" أي بما يعمل هؤلاء الذين يود أحدهم أن يعمر ألف سنة . ومن قرأ بالتاء فالتقدير عنده : قل لهم يا محمد : الله بصير بما تعملون . وقال العلماء : وصف الله عز وجل نفسه بأنه بصير على معنى أنه عالم بخفيات الأمور . والبصير في كلام العرب : العالم بالشيء الخبير به ، ومنه قولهم : فلان بصير بالطب ، وبصير بالفقه ، وبصير بملاقاة الرجال ، قال :
فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيب
قال الخطابي : البصير العالم ، والبصير المبصر . وقيل : وصف تعالى نفسه بأنه بصير على معنى جاعل الأشياء المبصرة ذوات إبصار ، أي مدركة للمبصرات بما خلق لها من الآلة المدركة والقوة ، فالله بصير بعباده ، أي جاعل عباده مبصرين .
قال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم، والله عليم بالظالمين" أي بعلمهم بما عندهم من العلم بل والكفر بذلك ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات. وقال الضحاك عن ابن عباس: فتمنوا الموت فسلوا الموت وقال عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة قوله: فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. قال: قال ابن عباس: لو تمنى يهود الموت، لماتوا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا عثام: سمعت الأعمش قال: لا أظنه إلا عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه، وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس، وقال ابن جرير في تفسيره: وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً"، حدثنا بذلك أبو كريب، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن يزيد الرقي، حدثنا فرات عن عبد الكريم به، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار، حدثنا سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن، قال: قول الله: ما كانوا ليتمنوه بما قدمت أيديهم، قلت: أرأيتك لو أنهم أحبوا الموت حين قيل لهم تمنوا الموت أتراهم كانوا ميتين، قال: لا والله ما كانوا ليموتوا ولو تمنوا الموت، وما كانوا ليتمنوه، وقد قال الله ما سمعت"ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين" وهذا غريب عن الحسن، ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الاية، هو المتعين وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة وأبي العالية والربيع بن أنس رحمهم الله تعالى، ونظير هذه الاية قوله تعالى في سورة الجمعة "قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين * قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" فهم عليهم لعائن الله تعالى، لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كانوا يهوداً أو نصارى، دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم أو من المسلمين، لما نكلوا عن ذلك، علم كل أحد إنهم ظالمون، لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه، لكانوا أقدموا على ذلك، فلما تأخروا، علم كذبهم وهذا كما دعا رسول الله وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة وعتوهم وعنادهم إلى المباهلة، فقال: "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" فلما رأوا ذلك، قال بعض القوم لبعض: والله لئن باهلتم هذا النبي لا يبقى منكم عين تطرف، فعند ذلك جنحوا للسلم، وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فضربها عليهم، وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح أميناً، ومثل هذا المعنى أو قريب منه قول الله تعالى لنبيه أن يقول للمشركين "قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً" أي من كان في الضلالة منا ومنكم فزاده الله مما هو فيه ومد له واستدرجه، كما سيأتي تقريره في موضعه، إن شاء الله تعالى.
أما من فسر الاية على معنى "إن كنتم صادقين" أي في دعواكم، فتمنوا الان الموت، ولم يتعرض هؤلاء للمباهلة، كما قرره طائفة من المتكلمين وغيرهم، ومال إليه ابن جرير بعد ما قارب القول الأول، فإنه قال: القول في تأويل قوله تعالى: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس " الاية، فهذه الاية مما احتج الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجره، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم وذلك أن الله تعالى أمر نبيه إلى قضية عادلة فيما كان بينه وبينهم من الخلاف، كما أمره أن يدعو الفريق الاخر من النصارى إذ خالفوه في عيسى ابن مريم عليه السلام، وجادلوه فيه إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة، فقال لفريق اليهود: إن كنتم محقين فتمنوا الموت، فإن ذلك غير ضاركم إن كنتم محقين فيما تدعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله لكم لكي يعطيكم أمنيتكم من الموت إذا تمنيتم، فإنما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها والفوز بجوار الله في جناته إن كان الأمر كما تزعمون، من أن الدار الاخرة لكم خاصة دوننا، وإن لم تعطوها علم الناس أنكم المبطلون ونحن المحقون في دعوانا، وانكشف أمرنا وأمركم لهم، فامتنعت اليهود من الإجابة إلى ذلك لعلمها، أنها إن تمنت الموت هلكت فذهبت دنياها، وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها، كما امتنع فريق النصارى الذين جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى إذ دعوا للمباهلة من المباهلة.
فهذا الكلام منه أوله حسن، وآخره فيه نظر ، وذلك أنه لا تظهر الحجة عليهم على هذا التأويل، إذ يقال: إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم، أنهم يتمنون الموت، فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت، وكم من صالح لا يتمنى الموت، بل يود أن يعمر ليزداد خيراً وترتفع درجته في الجنة، كما جاء في الحديث "خيركم من طال عمره، وحسن عمله" ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا: فها أنتم تعتقدون أيها المسلمون أنكم أصحاب الجنة وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت، فكيف تلزموننا بما لا يلزمكم ؟ وهذا كله إنما نشأ من تفسير الاية على هذا المعنى، فأما على تفسير ابن عباس: فلا يلزم عليه شيء من ذلك، بل قيل لهم كلام نصف إن كنتم تعتقدون أنكم أولياء الله من دون الناس، وأنكم أبناء الله وأحباؤه، وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم من أهل النار ، فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم، واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لا محالة، فلما تيقنوا ذلك وعرفوا صدقه، نكلوا عن المباهلة لما يعلمون من كذبهم وافترائهم وكتمانهم الحق من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعته، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويتحققونه، فعلم كل أحد باطلهم وخزيهم وضلالهم وعنادهم، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، وسميت هذه المباهلة تمنياً، لأن كل محق يود لو أهلك الله المبطل المناظر له، ولا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان حقه وظهوره، وكانت المباهلة بالموت لأن الحياة عندهم عزيزة عظيمة لما يعلمون من سوء مآلهم بعد الموت، ولهذا قال تعالى: " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين * ولتجدنهم أحرص الناس على حياة " أي على طول العمر لما يعلمون من مآلهم السيء، وعاقبتهم عند الله الخاسرة، لأن الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر ، فهم يودون لو تأخروا عن مقام الاخرة بكل ما أمكنهم، وما يحاذرون منه واقع بهم لا محالة حتى وهم أحرص من المشركين الذين لا كتاب لهم، وهذا من باب عطف الخاص على العام، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس "ومن الذين أشركوا ؟" قال: الأعاجم، وكذا رواه الحاكم في مستدركه من حديث الثوري، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه. قال: وقد اتفقا على سند تفسير الصحابي، وقال الحسن البصري: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. قال: المنافق أحرص الناس، وأحرص من المشرك على حياة، يود أحدهم أي يود أحد اليهود، كما يدل عليه نظم السياق، وقال أبو العالية: يود أحدهم، أي أحد المجوس، وهو يرجع إلى الأول لو يعمر ألف سنة، قال الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" قال: هو كقول الفارسي ده هزارسال يقول: عشرة آلاف سنة. وكذا روي عن سعيد بن جبير نفسه أيضاً، وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو حمزة، عن الأعمش عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" قال هو قول الأعاجم هزارسال نوروز ومهرجان وقال مجاهد "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" قال: حببت إليهم الخطيئة طول العمر ، وقال مجاهد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر" أي وما هو بمنجيه من العذاب، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثاً بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الاخرة من الخزي، بما ضيع ما عنده من العلم، وقال عوفي عن ابن عباس "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر" قال: هم الذين عادوا جبرائيل، قال أبو العالية وابن عمر : فما ذاك بمغيثه من العذاب، ولا منجيه منه. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الاية: يهود أحرص على الحياة من هؤلاء ، وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة، وليس بمزحزحه من العذاب لو عمر كما أن عمر إبليس لم ينفعه إذ كان كافراً، "والله بصير بما يعملون" أي خبير بصير بما يعمل عباده من خير وشر ، وسيجازي كل عامل بعمله.
واللام في قوله: 96- "ولتجدنهم" جواب قسم محذوف، وتنكير حياة للتحقير: أي أنهم أحرص الناس على أحقر حياة وأقل لبث في الدنيا، فكيف بحياة كثيرة ولبث متطاول؟ وقال في الكشاف: إنه أراد بالتنكير حياة مخصوصة وهي الحياة المتطاولة، وتبعه في ذلك الرازي في تفسيره. وقوله: "ومن الذين أشركوا" قيل: هو كلام مستأنف، والتقدير: ومن الذين أشركوا ناس "يود أحدهم" وقيل: إنه معطوف على الناس: أي أحرص الناس وأحرص من الذين أشركوا، وعلى هذا يكون قوله: "يود أحدهم" راجعاً إلى اليهود بياناً لزيادة حرصهم على الحياة، ووجه ذكر الذين أشركوا بعد ذكر الناس مع كونهم داخلين فيهم الدلالة على مزيد حرص المشركين من العرب ومن شابههم من غيرهم. فمن كان أحرص منهم وهم اليهود كان بالغاً في الحرص إلى غاية لا يقادر قدرها. وإنما بلغوا في الحرص إلى هذا الحد الفاضل على حرص المشركين، لأنه يعلمون بما يحل بهم من العذاب في الآخرة، بخلاف المشركين من العرب ونحوهم فإنهم لا يقرون بذلك، وكان حرصهم على الحياة دون حرص اليهود. والأول وإن كان فيه خروج من الكلام في اليهود إلى غيرهم من مشركي العرب لكنه أرجح لعدم استلزامه للتكليف، ولا ضير في استطراد ذكر حرص المشركين بعد ذكر حرص اليهود. وقال الرازي: إن الثاني أرجح ليكون ذلك أبلغ في إبطال دعواهم وفي إظهار كذبهم في قولهم إن الدار الآخرة لنا لا لغيرنا انتهى. ويجاب عنه بأن هذا الذي جعله مرجحاً قد أفاده في قوله تعالى: "ولتجدنهم أحرص الناس" ولا يستلزم استئناف الكلام في المشركين أن لا يكونوا من جملة الناس، وخص الألف بالذكر لأن العرب كانت تذكر ذلك عند إرادة المبالغة. وأصل سنة سنهة وقيل: سنوة. واختلف في الضمير في قوله: "وما هو بمزحزحه" فقيل هو راجع إلى أحدهم، والتقدير: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب أن يعمر، وعلى هذا يكون قوله: "أن يعمر" فاعلاً لمزحزحه، وقيل: هو لما دل عليه يعمر من مصدره: أي وما التعمير بمزحزحه، ويكون قوله: أن يعمر بدلاً منه. وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت: هو عماد، وقيل: هو ضمير الشأن، وقيل: ما هي الحجازية والضمير اسمها وما بعده خبرها والأول أرجح، وكذلك الثاني والثالث ضعيف جداً لأن العماد لا يكون إلا بين شيئين، ولهذا يسمونه ضمير الفصل، والرابع فيه أن ضمير الشأن يفسر بجملة سالمة عن حرف جر كما حكاه ابن عطية عن النحاة. والزحزحة: التنحية، يقال: زحزحته فتزحزح: أي نحيته فتنحى وتباعد، ومنه قول ذي الرمة:
يا قابض الروح عن جسم عصى زمناً وغافر الذنب زحزحني عن النار
والبصير: العالم بالشيء الخبير به، ومنه قولهم: فلان بصير بكذا: أي خبير به، ومنه قول الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيب
وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله: "وأشربوا في قلوبهم العجل" قال: أشربوا حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية أن اليهود لما قالوا: "لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى" الآية، نزل قوله تعالى: "قل إن كانت لكم الدار الآخرة" الآية. وأخرج ابن جرير مثله عن قتادة. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن قوله: "خالصة من دون الناس" يعني المؤمنين "فتمنوا الموت" فقال لهم رسول الله: "إن كنتم في مقالتكم صادقين فقولوا: اللهم أمتنا، فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه فمات مكانه". وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فتمنوا الموت" أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك، ولو تمنوه يوم قال ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم عنه قال: "لو تمنى اليهود الموت لماتوا". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه نحوه. وأخرج البخاري وغيره من حديثه مرفوعاً: "لو كان اليهود تمنوا لماتوا ولرأوا مقاعدهم في النار". وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه في قوله: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" قال: اليهود "ومن الذين أشركوا" قال: وذلك أن المشركين لا يرجون بعثاً بعد الموت فهو يجب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له من الخزي بما ضيع ما عنده من العلم "وما هو بمزحزحه" قال: بمنحيه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم عنه في قوله: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" قال: هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم ذه هز ارسال يعني عش ألف سنة.
96." ولتجدنهم " اللام لام القسم والنون تأكيد للقسم، تقديره: والله لتجدنهم يا محمد يعني اليهود " أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا " قيل: هو متصل بالأول، وأحرص من الذين أشركوا، وقيل: ثم الكلام بقوله (على حياة) ثم ابتدأ ( من الذين أشركوا ) وأراد بالذين أشركوا المجوس قاله أبو العالية و الربيع سموا مشركين لأنهم يقولون بالنور والظلمة.
" يود " يريد ويتمنى " أحدهم لو يعمر ألف سنة " يعني تعمير ألف سنة وهي تحية المجوس فيما بينهم يقولون عش ألف سنة وكل ألف نيروز ومهرجان، يقول الله تعالى: اليهود أحرص على الحياة من المجوس الذين يقولون ذلك " وما هو بمزحزحه " مباعده " من العذاب " من النار " أن يعمر " أي طول عمره لا ينقذه. [زحزحه وتزحزح] من العذاب أو زحزح: لازم ومتعد، ويقال زحزحته فتزحزح " والله بصير بما يعملون ".
96-" ولتجدنهم أحرص الناس على حياة " من وجد بعقله الجاري مجرى علم ، ومفعولاه هم وأحرص الناس ، وتنكير حياة لأنه أريد بها فرد من أفرادها وهي : الحياة المتطاولة : وقرئ باللام . " ومن الذين أشركوا " محمول على المعنى وكأنه قال : أحرص من الناس على الحياة ومن الذين أشركوا . وإفراده بالذكر للمبالغة ، فإن حرصتم شديد إذ لم يعرفوا إلا الحياة العاجلة ، والزيادة في التوبيخ والتقريع ، فإنهم لما زاد حرصهم ـ وهم مقرون بالجزاء على حرص المنكرين ـ دل ذلك على علمهم بأنهم صائرون إلى النار ، ويجوز أن يراد وأحرص من الذين أشركوا ، فحذف أحرص لدلالة الأول عليه ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف صفته " يود أحدهم " على أنه أريد بالذين أشركوا اليهود لأنهم قالوا : " عزير ابن الله " ، أي : ومنهم ناس يود أحدهم ، وهو على الأولين بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف . " لو يعمر ألف سنة " حكاية لودادتهم ، ولو بمعنى ليت وكان أصله : لو أعمر ، فأجرى على الغيبة لقوله : يود ، كقولك حلف بالله ليفعلن " وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر " الضمير لأحدهم ، وأن يعمر فاعل مزحزحه ، أي وما أحدهم بمن يزحزحه من العذاب تعميره ، أو لما دل عليه يعمر . وأن يعمر بدل منه . أو منهم ، وأن يعمر موضحه وأصل سنة سنوة لقولهم سنوات . وقيل سنهة كجبهة لقولهم سانهته وتسنهت النخلة إذا أتت عليها السنون ، والزحزحة التبعيد " والله بصير بما يعملون " فيجازيهم .
96. And thou wilt find them greediest of mankind for life and (greedier) than the idolaters. (Each) one of them would like to be allowed to live a thousand years. And to live (a thousand years) would by no means remove him from the doom. Allah is Seer of what they do.
96 - Thou wilt indeed find them, of all people, most greedy of life, even more than the idolaters: each one of them wishes he could be given a life of a thousand years: but the grant of such life will not save him from (due) punishment. for God sees well all that they do.