99 - (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الموت
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : واعبد ربك حتى يأتيك الموت ، الذي هو موقن به . وقيل : يقين ، وهو موقن به ، كما قيل : خمر عتيق ، وهي معتقة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، قال : حدثني طارق بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال : الموت .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : قال ابن جريج : أخبرني ابن كثير ، أنه سمع مجاهداً يقول : "حتى يأتيك اليقين" قال : الموت .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال : يعني الموت .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ،عن قتادة : "حتى يأتيك اليقين" قال : اليقين : الموت .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، في قوله : "حتى يأتيك اليقين" قال : الموت .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان، عن طارق ، عن سالم ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال : الموت ، إذا جاءه الموت ، جاءه تصديق ما قال الله له ، وحدثه من أمر الآخرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، "أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن أم العلاء امرأة الأنصار قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة ،قالت :وطار لنا عثمان بن مظعون ، فأنزلناه في أبياتنا ، فوجع وجعه الذي مات فيه ، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا عثمان بن مظعون رحمة الله عليك ابا السائب ، فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هو فقد جاءه اليقين ، ووالله إني لأرجو له الخير" .
حدثنا ابو كريب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال :حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا ابن شهاب ، عن خارجة بن زيد ، عن أم العلاء امرأة من نسائهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن محمد بن شهاب ، أن خارجة بن زيد ، حدثه عن أم العلاء امرأة منهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، إلا أنه قال في حديثه : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أما هو فقد عاين اليقين" .
فيه مسألة واحدة - وهو أن اليقين الموت. أمره بعبادته إذ قصر عباده في خدمته، وأن ذلك يجب عليه. فإن قيل: فما فائدة قوله ( حتى يأتيك اليقين) وكان قوله: ( واعبد ربك) كافياً في الأمر بالعبادة. قيل له: الفائدة في هذا أنه لو قال: ( واعبد ربك) مطلقاً ثم عبده مرة واحدة كان مطيعاً، وإذا قال ( حتى يأتيك اليقين) كان معناه لا تفارق هذا حتى تموت. فإن قيل: كيف قال سبحانه ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) ولم يقل أبداً، فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله: أبداً، لاحتمال لفظ الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد. وقد تقدم هذا المعنى. والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح: " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " ( مريم: 31). ويتركب على هذا أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق أبداً، وقال: نويت يوماً أو شهراً كانت عليه الرجعة. ولو قال: طلقتها حياتها لم يراجعها. والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العلاء الأنصارية، وكانت من المبايعات، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما عثمان - أعني عثمان بن مظعون - فقد حاءه اليقين وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به " وذكر الحديث. انفرد بإخراجه البخاري رحمه الله! وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم لا يستعدون له، يعني كأنهم فيه شاكون. وقد قيل: إن اليقين هنا الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك، قاله ابن شجرة، والأول أصح، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن. والله أعلم. وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ".
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به, وهو مواجهة المشركين به, كما قال ابن عباس في قوله: "فاصدع بما تؤمر" أي أمضه, وفي رواية "افعل ما تؤمر" وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة. وقال أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت "فاصدع بما تؤمر", فخرج هو وأصحابه. وقوله: "وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين" أي بلغ ما أنزل إليك من ربك, ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله " ودوا لو تدهن فيدهنون " ولا تخفهم فإن لله كافيك إياهم وحافظك منهم, كقوله تعالى: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس".
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن, حدثنا إسحاق بن إدريس, حدثنا عون بن كهمس عن يزيد بن درهم, عن أنس قال: سمعت أنساً يقول في هذه الاية, " إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلها آخر " قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فغمزه بعضهم فجاء جبريل, أحسبه قال: فغمزهم, فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا. قال محمد بن إسحاق: كان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر, وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي الأسود بن المطلب أبي زمعة , كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه, فقال: "اللهم أعم بصره, وأثكله ولده" ومن بني زهرة الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة, ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, ومن بني سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد, ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد بن ـ عمرو بن ملكان ـ. فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ".
وقال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء,أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت , فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه, فمر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه, فاستسقى بطنه, ومر به الوليد بن المغيرة, فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله, وكان أصابه قبل ذلك بسنتين, وهو يجز إزاره, وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلاً له, فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش, وليس بشيء, فانتفض به فقتله, ومر به العاص بن وائل, فأشار إلى أخمص قدمه فخرج على حمار له يريد الطائف, فربض على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه فقتلته, ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله.
قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن رجل, عن ابن عباس قال: كان رأسهم الوليد بن المغيرة وهو الذي جمعهم, وهكذا روي عن سعيد بن جبير وعكرمة نحو سياق محمد بن إسحاق به, عن يزيد عن عروة بطوله, إلا أن سعيداً يقول: الحارث بن غيطلة, وعكرمة يقول الحارث بن قيس. قال الزهري: وصدقا هو الحارث بن قيس, وأمه غيطلة, وكذا روي عن مجاهد ومقسم وقتادة وغير واحد أنهم كانوا خمسة. وقال الشعبي: كانوا سبعة, والمشهور الأول: وقوله: "الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون" تهديد شديد ووعيد أكيد لمن جعل مع لله معبوداً آخر.
وقوله: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين " أي وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنك ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله, وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم, فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة, ولهذا قال: "فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين". كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" ورواه أبو داود والنسائي من حديث مكحول عن كثير بن مرة بنحوه, ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
وقوله: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال البخاري: قال سالم: الموت, وسالم هذا هو سالم بن عبد الله بن عمر, كما قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان, حدثني طارق بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال: الموت, وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره, والدليل على ذلك قوله تعالى إخباراً عن أهل النار أنهم قالوا "لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين" وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت, عن أم العلاء امرأة من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات, قالت أم العلاء: رحمة الله عليك أبا السائب, فشهادتي عليك لقد أكرمك الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله أكرمه ؟" فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله, فمن ؟ فقال: "أما هو فقد جاءه اليقين, وإني لأرجو له الخير" ويستدل بهذه الاية الكريمة وهي قوله: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتاً, فيصلي بحسب حاله.
كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب" ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة, فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم, وهذا كفر وضلال وجهل, فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته, وما يستحق من التعظيم, وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة, وإنما المراد باليقين ههنا الموت, كما قدمناه, ولله الحمد والمنة, والحمد لله على الهداية وعليه الاستعانة والتوكل, وهو المسؤول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها, فإنه جواد كريم.
آخر تفسير سورة الحجر, والحمد لله رب العالمين.
ثم أمره بعبادة ربه: أي بالدوام عليها إلى غاية هي قوله: "حتى يأتيك اليقين" أي الموت. قال الواحدي، قال جماعة المفسرين: يعني الموت لأنه موقن به. قال الزجاج المعنى أعبد ربك أبداً، لأنه لو قيل اعبد ربك بغير توقيت لجاز إذا عبد الإنسان مرة أن يكون مطيعاً، فإذا قال حتى يأتيك اليقين، فقد أمره بالإقامة على العبادة أبداً ما دام حياً.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عمر في قوله: "ولقد آتيناك سبعاً من المثاني" قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. وأخرجه سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه والبيهقي من طرق عن علي بمثله. وأخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود مثله وزاد: والقرآن العظيم سائر القرآن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال: فاتحة الكتاب استثناها الله لأمة محمد، فرفعها في أم الكتاب فادخرها لهم حتى أخرجها ولم يعط أحد قبل، قيل فأين الآية السابعة؟ قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وروي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال: السبع المثاني الحمد لله رب العالمين. وروي نحو قول هؤلاء الصحابة عن جماعة من التابعين. وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم "ألا أعلمك أفضل سورة قبل أن أخرج من المسجد، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت، فقال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم". وأخرج البخاري أيضاً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم" فوجب بهذا المصير إلى القوم بأنها فاتحة الكتاب، ولكن تسميتها بذلك لا ينافي تسمية غيرها به كما قدمنا. وأخرج ابن مردويه عن عمر قال في الآية: هي السبع الطوال. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثله. وأخرج الفريابي وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال في الآية: هي السبع الطوال. وأخرج الدارمي وابن مردويه عن أبي بن كعب مثله. وروي نحو ذلك عن جماعة من التابعين. وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: هي فاتحة الكتاب والسبع الطوال. وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: ماثني من القرآن، ألم تسمع لقول الله "الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني". وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: المثاني القرآن يذكر الله القصة الواحدة مراراً. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن زياد بن أبي مريم في الآية قال: أعطيتك سبعة أجزاء: مر، وآنه، وشر، وأنذر، واضرب الأمثال، واعدد النعم، واتل نبأ القرآن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "لا تمدن عينيك" قال: نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "أزواجاً منهم" قال: الأغنياء الأمثال والأشباه. وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال: من أعطي القرآن فمد عينه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن، ألم يستمع إلى قوله: "ولقد آتيناك سبعاً من المثاني" وإلى قوله: "ورزق ربك خير وأبقى" وقد فسر ابن عيينة أيضاً الحديث الصحيح "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" فقال: إن المعنى يستغني به. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: "واخفض جناحك" قال: اخضع. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله: "كما أنزلنا على المقتسمين" الآية قال: هم أهل الكتاب جزأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وأخرج ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال: عضين فرقاً. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس أنها نزلت في نفر من قريش كانوا يصدون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة. وأخرج الترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " قال: عن قول لا إله إلا الله. وأخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن أنس موقوفاً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "فاصدع بما تؤمر" فامضه، وفي علي بن أبي طلحة مقال معروف. وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل "فاصدع بما تؤمر" فخرج هو وأصحابه. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه وجميع من أرسل إليه. وأخرج ابن المنذر عنه "فاصدع بما تؤمر" قال: أعلن بما تؤمر. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن ابن عباس "وأعرض عن المشركين" قال: نسخه قوله تعالى: "فاقتلوا المشركين". وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه وأبو نعيم والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله: "إنا كفيناك المستهزئين" قال: المستهزئون الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عيطل السهمي والعاص بن وائل، وذكر قصة هلاكهم. وقد روي هذا عن جماعة من الصحابة مع زيادة في عددهم ونقص، على طول في ذلك. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمي عن أبي مسلم الخولاني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكن من التاجرين، ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء مرفوعاً نحوه. وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق من طريق عبيد الله بن أبان بن عثمان بن حذيفة ابن أوس الطائفي قال: حدثني أبان بن عثمان عن أبيه عن جده يرفعه مثل حديث أبي مسلم الخولاني. وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن عبد الله بن عمر "حتى يأتيك اليقين" قال الموت. وأخرج ابن المبارك عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله.
99-"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، أي الموت الموقن به، وهذا معنى ما ذكر في سورة مريم: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا".
أخبرنا المطهر بن علي الفارسي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الصالحي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ، حدثنا أمية بن محمد الصواف البصري، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثنا أبي والهيثم بن خارجة قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي مسلم الخولاني عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".
وروي عن عمر رضي الله عنه قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه أهاب كبش قد تنطق به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظروا إلى هذا الذى قد نور الله قلبه لقد رأيته بين أبويه بغذيانه بأطيب الطعام والشراب، ولقد رأيت عليه حلة شراها، أو شريت له، بمائتي درهم، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترونه". والله أعلم.
99."واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"أي الموت فإنه متيقن لحاقه كل حي مخلوق ، والمعنى فاعبده مادمت حياً ولا تخل بالعبادة لحظة . "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الحجر كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المهاجرين والأنصار والمستهزئين بمحمد صلى الله عليه وسلم".والله أعلم.
99. And serve thy Lord till the inevitable cometh unto thee.
99 - And serve thy Lord until there come unto thee the hour that is certain.