99 - (أولم يروا أن) يعلموا (الله الذي خلق السماوات والأرض قادر) مع عظمها (على أن يخلق مثلهم وجعل) أي الاناسي في الصغر (لهم أجلا لا) للموت والبعث (ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا قل) جحودا له
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أو لم ينظر هؤلاء القائلون من المشركين " أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا " بعيون قلوبهم ، فيعلمون أن الله الذي خلق السموات والأرض ، فابتدعها من غير شيء ، وأقامها بقدرته ، قادر بتلك القدرة على أن يخلق مثلهم أشكالهم ، وأمثالهم من الخلق بعد فنائهم ، وقبل ذلك ، وأن من قدر على ذلك فلا يمتنع عليه إعادتهم خلقاً جديداً، بعد أن يصيروا عظاماً ورفاتاً وقوله " وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه " يقول تعالى ذكره : وجعل الله لهؤلاء المشركين أجلاً لهلاكهم ، ووقتاً لعذابهم لا ريب فيه . يقول : لا شك فيه أنه آتيهم ذلك الأجل " فأبى الظالمون إلا كفوراً " يقول : فأبى الكافرون إلا جحوداً بحقيقة وعيده الذي أوعدهم وتكذيباً به .
فأجابهم الله تعالى فقال : " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه " قيل : في الكلام تقديم وتأخير ، أي أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ، وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم والأجل ، مدة قيامهم في الدنيا ثم موتهم ،وذلك ما لا شك فيه إذ هو مشاهد ، وقيل : هو جواب قولهم : " أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا " وقيل : هو يوم القيامة " فأبى الظالمون إلا كفورا " أي المشركون إلا جحوداً بذلك الأجل وبآيات الله ، وقيل : ذلك الأجل هو وقت البعث ، ولا ينبغي أن يشك فيه .
يقول تعالى: هذا الذي جازيناهم به من البعث على العمي والبكم والصمم جزاؤهم الذي يستحقونه, لأنهم كذبوا "بآياتنا" أي بأدلتنا وحجتنا, واستبعدوا وقوع البعث " وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا " أي بالية نخرة " أإنا لمبعوثون خلقا جديدا " أي بعد ما صرنا إليه من البلى والهلاك والتفرق والذهاب في الأرض نعاد مرة ثانية ؟ فاحتج تعالى عليهم ونبههم على قدرته على ذلك بأنه خلق السموات والأرض, فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك, كما قال: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقال: " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى " الاية,في هذا المقام اضطرب وقال "أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" إلى آخر السورة. وقال ههنا " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم " أي يوم القيامة يعيد أبدانهم وينشئهم نشأة أخرى كما بدأهم. وقوله: "وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه" أي جعل لإعادتهم وإقامتهم من قبورهم أجلاً مضروباً ومدة مقدرة لا بد من انقضائها, كما قال تعالى: "وما نؤخره إلا لأجل معدود". وقوله: "فأبى الظالمون" أي بعد قيام الحجة عليهم "إلا كفوراً" إلا تمادياً في باطلهم وضلالهم.
فجاء سبحانه بحجة تدفعهم عن الإنكار وتردهم عن الجحود. فقال: 99- " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم " أي من هو قادر على خلق هذا، فهو على إعادة ما هو أدون منه أقدر، وقيل المراد أنه قادر على أفنائهم وإيجاد غيرهم، وعلى القول الأول يكون الخلق بمعنى الإعادة، وعلى هذا القول هو على حقيقته، وجملة "وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه" عطف على أو لم يروا، والمعنى: قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم، لأنهم ليسوا بأشد خلقاً منهن كما قال "أأنتم أشد خلقاً أم السماء" "وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه" وهو الموت أو القيامة، ويحتمل أن تكون الواو للاستئناف، وقيل في الكلام تقديم وتأخير: أي أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم "فأبى الظالمون إلا كفوراً" أي أبى المشركون إلا جحوداً، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر للحكم عليهم بالظلم ومجاوزة الحد.
99 - " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض " ،في عظمتها وشدتها ، " قادر على أن يخلق مثلهم " ، في صغرهم وضعفهم . نظيره قوله تعالى : " لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس " ( غافر - 57 )
" وجعل لهم أجلاً " أي : وقتاً لعذابهم ، " لا ريب فيه " ، أنه يأتيهم ، قيل : هو الموت ، وقيل : هو يوم القيامة ، " فأبى الظالمون إلا كفوراً " ، أي : جحوداً وعناداً .
99."أو لم يروا"أو لم يعلموا ."أن الله الذي خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم"فإنهم ليسوا أشد خلقاً منهن ولا الإعادة أصعب عليه من الإبداء."وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه"هو الموت أو القيامة. "فأبى الظالمون " مع وضوح الحق ."إلا كفوراً"إلا جحوداً.
99. Have they not seen that Allah Who created the heavens and the earth is Able to create the like of them, and hath appointed for them an end whereof there is no doubt? But the wrong doers refuse aught save disbelief.
99 - See that not that God, who created the heavens and the earth, has power to create the like of them (Anew)? only he has decreed a term appointed, of which there is no doubt. but the unjust refuse (to receive it) except with ingratitude.